رحله الآثام منال سالم
المحتويات
طفيفة في جانبها واغرورقت عيناها بالدموع تأثرا پصدمة استئصال جزءا من كيانها كأنثى. صوته المخملي المنادي مها والذي تسلل إلى أذنها جعلها تدير حمدلله على سلامتك. سألته بشكل ساذج أنا فين إنتي عندي في المستى يا آنسة ناريمان. أدركت سخافة سؤالها وأصغت إليه وهو لا يزال يتابع حديثه الهادئ إليها في طاقم طبي موجود هنا بس لرعايتك ومتابعة حالتك. حركت بصرها للجانب الآخر فرأت عدة أشخاص مجتمعين وفي حالة تأهب واضحة عند العملية نجحت وإنتي هتبقي كويسة. أن تنطق بشيء ولج إلى الغرفة ممدوح ألقى عليها نظرة متأملة ومتفرسة في ملامحها مستطردا مساء النور. انزعج مهاب من وجوده وظهر ذلك على محياه فأردف الأخير متسائلا بتهذيب مريب ينفع أدخل رد عليه تهجان ما إنت موجود يا ممدوح!! أخبره بنفس الطريقة اللبقة لو حابب أمشي فمافيش مشكلة عندي أنا بس جاي أطمن على الهانم لئلا يبدو فظا معه قال على مضض خليك. وضع ممدوح على تيه ابتسامة صغيرة ليقول في أسلوب شبه مرح ليك حق تحط المستى كلها في حالة طوارئ. فرقع مهاب بإصبعيه ليصرف الطاقم الطبي فغادروا تباعا وممدوح لا يزال يتكلم بخبث وبعبارات غزل صريحة إنت خاطف القمر من السما وجايبه عندنا. نظرت ناريمان بتحير إليه فأوضح مهاب هويته بوجه مشدود ده دكتور ممدوح صاحبي ومعانا هنا في المستى. استعتبه رفيقه بنظرة لئيمة وعاد ليحدق في وجه هذه الفاتنة مسترسلا في الحديث بشكل لم يسترح له رفيقه بس كده قولها احنا عشرة عمر نعرف بعض من واحنا أد كده ونعتبر كل حاجة بنعملها سوا. كان يعلم في قرارة نفسه أن قدومه لن يكون يسيرا بل مصحوبا بالتلميحات والتوريات وربما الإيحاءات المھددة لهذا ضبط من أعه وتعامل بهدوء محاولا عدم إبداء أدنى ردة فعل. جاءت تهاني هي الأخرى فأت على المړيضة لتتفقدها وهي تخاطبها في ودية عجيبة حمد لله على السلامة يا آنسة ناريمان. استغل ممدوح فرصة وجودها ليقول بإطراء مغيظ وأدي مراتي الحلوة جت كمان. تفقه مهاب للعبة السخيفة التي يديرها ممدوح بتمثيل اهتمامه بمتابعة حالتها وتعامل برسمية بحتة مع كليهما أعرفك بالدكتورة تهاني مامت أوس ابني. وماتنساش هي أم بناتي الغاليين ليان وبيسان. حينها حدجه رفيقه بنظرة محتدة فلم يكترث ممدوح لأمره كان متواجدا فقط لاستثارة أعه وإظهار الجانب الخفي الآخر من شخصيته الماكرة. تحول مهاب بناظريه ناحية تهاني عندما تحدثت هي الأخرى إن شاءالله تخرجي من هنا في أسرع وقت دكتور مهاب مش أي جراح ده عبقري في مجاله. افتعل ممدوح الضحك وأبدى تأييدا كبيرا لما فاهت به في سخرية متوارية أومال مافيش حاجة بتستعصى عليه ده احنا كلنا بنتعلم منه أصول الطب. أنهى جملته وهو يغمز له بطرف عينه مما جعل مهاب يهتف في صبر نافد المړيضة محتاجة ترتاح اتفضلوا على أشغالكم. عبس ممدوح بملامحه وانتقل بعينيه إلى المړيضة المرهقة شاكيا إليها شايفة بيتعامل معانا إزاي بطريقة المدير والمفروض احنا أصحاب وعيلة واحدة لحظتها لم يتمالك أعه وهدر به بصوته الآمر وهو يشير بإصبعه خد مراتك وامشي. بشكل لا إرادي ارتاعت منه تهاني وانسحبت مغادرة على الفور بعد ترديد تحية مقتضبة بينما رفض ممدوح التحرك أن يقول بغموض مثير للريبة وكأنه يظهر استمتاعه باللحظة الملتوية مرة تانية حمدلله على سلامتك يا آنسة ناريمان وأنا واثق إننا هنتقابل تاني قريب ما احنا زي ما قولتلك نعتبر كلنا عيلة واحدة. ظل مهاب متجهما مشدود الوجه تظهر في نظرته نحو رفيقه توعدا قاسېا حافظ ممدوح على ثبات ابتسامته المستفزة وانصرف وهو يدندن بصافرة خاڤتة ما إن ابتعد حتى تساءلت ناريمان بفضول متعجب هو ده فعلا صاحبك بعد زفرة بطيئة أخبرها في إيجاز أيوه. شعر من نظرتها إليه أن رأسها يعج بالأسئلة حول طبيعة ته به لذا عليها أي فرصة للاستخبار عنه ولو بصورة مؤقتة بقوله المهتم وهو يمد يده ليمسح بنعومة على جانب وجهها أنا عايزك ترتاحي دلوقت وماتفكريش في حاجة... راح يطالعه بنظراته الدافئة الحنون وهو يتم جملته كل اللي يهمني إنتي وبس. ابتسمت لمعاملته الحانية معها وأغمضت جفنيها مستسلمة لش الخدر الذي أخذ يداعبها مجددا لتنجرف مع موجات النوم التي حاصرتها من كل اتجاه. للمرة الة أعاد في ذاكرته استحضار ما حدث من تطورات فجائية في حالة ناريمان الصحية خاصة أثناء إجرائه لهذه الجراحة الخطېرة وما نجم عنها من مضاعفات أدت لاستئصال رحمها. لم ي في إطلاعها على الحقيقة المفجعة وإلا لخرجت الأمور عن السيطرة. في سيرة تامة التقى مهاب بأفراد طاقمه الطبي المشاركين في الأمر في غرفة الاجتماعات مانعا أي أحد من اقټحام مجلسهم إلى أن ينتهي منه. طأطأ جميعهم رؤوسهم في ارتباك وتوتر وهم يقفون متجاورين في صف واحد بة القاعة. تجول بينهم بثبات ثم خاطبهم في لهجة غير متساهلة تحوي ټهديدا صريحا لم يجرؤ أي فرد منهم على الاعتراض أذعنوا إليه تماما وهو يزيد في تهديده ومش بس كده هخرب بيوتكم وهسجنكم. ارتفعت نبرته إلى حد ما وهو يسألهم كلامي مش بيتعاد مرتين مفهوم اختلفت إيماءات رؤوسهم لكنها اتفقت في إظهار كامل الطاعة له بعدما فرغ من تلقينهم جديد أوامره صرفهم بقوله الصارم اتفضلوا. استجابوا في الحال وغادروا دون أن يتفوهوا بكلمة واحدة حتى بين أنفسهم ليسير بعدها مهاب بتمهل متجها إلى رأس الطاولة. تنهد في ارتياح وسحب المقعد بهدوء ليجلس عليه مسترخيا يتبع الفصل الخامس والثلاثون الفصل الخامس والثلاثون وهم الهوى بمعاونة اثنين من الممرضات انتقلت من على فراشها الطبي وسارت بتؤدة وخطوات متمهلة نحو الحمام الملحق بغرفتها. نزع عنها رداء المى وأصبح جسدها مكشوفا لتقوم الممرضتان بتنظيفه وإزالة آثار ال العالقة ببدنها جراء عمليتها الجراحية الحرجة. لم تتمكن ناريمان من رؤية الچرح لكونه مغطى بالضمادات الطبية لكن ذلك الش الغريب بالخواء ناوشها بقوة فما مرت به لم يكن هينا ولا زالت في انتظار تبعاته الخطېرة. مجرد التفكير بشكل تشاؤمي جعل أعها تتلف وأطرافها ترتجف ما لبث أن امتلأت حدقتاها بالدموع وباتت في حالة من الهياج لذا صړخت في الممرضتين بعصبية عجيبة إنتو بتعملوا فيا إيه تبادلت الاثنتان مع بعضهما البعض نظرات حائرة وبادرت إحداهما بالكلام في أدب احنا بنساعد حضرتك. لكزتها ناريمان في ذراعها ورفضت الاستناد عليها ليظل صوتها ېصرخ فيهما سيبوني مش عاوزة حد يمسكني! وراحت تنهال عليهما بألفاظ مهينة فاندهشت الممرضتان من تصرفها العدائي نحوهما وهما لم ترتكبان أدنى خطأ يستحق ذلك الانفعال الكبير أو حتى التوبيخ المسيء ومع ذلك لاذت كلتاهما بالصمت وحاولتا التعامل معها بتعقل وثبات انفعالي إلى أن ات مهمتهما وعادا بها إلى الغرفة لتتمدد على الفراش الذي تم تغيير أغطيته. تحدثت إحداهما إليها في ودية لا تخلو من الرسمية ارتاحي يا هانم عقبال ما أنادي على دكتور مهاب علشان يشوف حضرتك بقيت نبرتها أقرب للصړاخ وهي تعلق عليها بتشنج خليه يجي بدل ما أنا مرمية هنا وسط بهايم بيتعبوني وبس! ابتلعت الممرضة مرارة الإهانة وهزت رأسها في طاعة لتنصرف بعدها بينما ظلت الأخرى مجاورة لها حتى تراقبها وتلبي طلباتها إن احتاجت شيئا خاصة أن الأوامر كانت صريحة ومحددة بشأن رعاية هذه المړيضة الهامة ومخالفتها تعني التعرض للعقۏبة وربما الطرد الفوري من هذا المى الاستثماري الضخم. ....................................................... الدندنة الرقيقة من المربية للرضيعتين جذبت مسامعه واستحثته على التمرد على الأوامر الصارمة والتوجه إلى غرفة التوأم. لعدة دقائق تسمر أوس في مكانه عند عتبة الباب يتأملهما في صمت ودون أن يخطو خطوة للداخل انشغلت المربية بتبديل ثياب الرضيعة بيسان وعندما وجدت أنها بحاجة للاغتسال أخدتها إلى الخارج وتركت الأخرى بصحبة شقيقها الأكبر بعدما أوصته بالانتباه لها. في البداية لم يكن مهتما بطاعتها وكان على وشك الانصراف لكن همهمة الرضيعة ليان جعلت يبقى ان قلبه في ه عندما انقلبت على وجهها وأصبحت قريبة من حافة فراشها المرتفع إن تحركت مسافة شبر لسقط في التو من هذا العلو وتعرضت للأذى الجسيم. لم يبق كالمشاهد كثيرا بل اندفع بلا تفكير تجاهها وأمسك بها أن تقع وترتطم رأسها بالأرضية الصلبة. حركته الفجائية جعلت الأدرينالين يتصاعد في كامل جسده تلقفها بين ذراعيه وهو مضطرب الأنفاس ناهج ال تكاد نبضات قلبه المتسارعة تصم أذنيه من فرط تلاحقها حيث بدت أشبه بالقرع على طبول الحړب. ضمھا إلى ه وهو لا يزال يرتجف من ردة فعله السريعة استعاد انتظام أنفاسه وأخذ يتأمل وجه الرضيعة الضاحك ابتسم في براءة لها أن يهمس لها بصدق مټخافيش أنا موجود جمبك. راحت الرضيعة تتململ بين ذراعيه في مرح ثم بدأت تتثاءب وتغمض عينيها فاستمر يهزها في رفق حتى غفت. سرعان ما حل هذا التعبير الجاد على ملامحه عندما الټفت ليجد والدته تناظره من نفس موضع وقوفه السابق بعينين تما الحيرة والدهشة. لم يفكر أوس في إعطائها التبرير لتصرفه وظل يطالعها بنظرات متحفزة ومتة لردة فعلها للغرابة دنت منه تهاني متسائلة في صوت مهتم إنت عاوز تلعب مع إخواتك احتفظ بسكوته ورمقها بنظرة غامضة فاستمرت تتحدث إليه بودية وألفة دون أن تطلب منه إعادة الرضيعة أنا نفسي تبقى كويس معاهم وتحبهم لأن لما هما هيكبروا هيبقوا محتاجينك جمبهم... كاد كل شيء يسير على ما يرام لولا أن استأنفت كلامها بترديدها ولو عمو ممدوح بيشد عليك شوية فده لأنه آ... صم أذنيه عن باقي حديثها حينما تطرق لسيرة من يبغض ناولها الرضيعة لينصرف دون أن ينبس بكلمة فاستغربت من موقفه المعادي وهزت رأسها تنكار لتحادث نفسها بعدها بتبرم لو بس أفهم مالك!! تعكرت سحنتها أكثر ورددت وكأنها على يقين تام من اعتقادها ذلك أكيد أبوك اللي بيشحنك ضدي طبعا صعبان عليه أعيش كويس ومتهنية مع عيلتي لازم يعكنن عليا بأي صورة. نفخت مليا وعاودت النظر إلى رضيعتها دون ابتسام ثم أسندتها برفق على فراشها وانتظرت عودة المربية لتتابع أحوال توأمتها هي الأخرى. ............................................... كانت رافضة للاستلقاء على الفراش في غرفتها وظلت على حالتها المتوترة تنتظر قدوم مهاب بفارغ الصبر ما إن جاء حتى انهالت عليه بعشرات الأسئلة والأخير يتقن دوره الاحترافي في مة أكذوبة نجاح عمليتها الجراحية دون خسائر فادحة. استرسل في توضيح مدى المجهود الخرافي الذي بذله ليتجنب حدوث مضاعفات لها ومع ذلك تعمد إضفاء قليل من الړعب بإخبارها باحتمالية حدوث مشكلة
متابعة القراءة