رحله الآثام منال سالم
المحتويات
على زيارة والدته في بلدتها بشكل منتظم فكان يلقاها أسبوعيا ليمكث معها بعض الوقت أحيانا قد يبيت هناك وفي كثير من الأحيان يرحل في وقت متأخر ليستقل بعدئذ المواصلات العامة ليعود إلى زوجته التي أبقت على قطيعتها مع عائلته. تفهم عوض لأسباب قيامها بذلك ولم يضغط عليها لتوصل ما ان حتى معه ترك للزمن مهمة مداواة چراحها العميقة وحافظ على روابط المودة والعشرة القائمة بينهما وإن هجرته في الفراش. هذا الأسبوع تقاعس عن القيام بزيارته المعتادة للبلدة لكونه معلول الجسد ولم يأت بباله أن تجازف أمه وتأتي لزيارته ويا ليتها ما جاءت فحضورها كان مصحوبا بالعواصف والأهوال. القرع العڼيف على الباب جعل فردوس تترك ما في يديها بالمطبخ وتهرول شبه راكضة تجاه باب البيت لتفتحه اتسعت عيناها ذهولا عندما رأت من تمقت واقفة قبالتها والأخيرة تمنحها هذه النظرة الساخطة البغيضة والكارهة لها لم تمهد بشيء واندفعت كالثور الهائج تدفعها پعنف من كتفها وهي توبخها فين ابني استهجنت طريقتها العدائية في التعامل معها ناهيك عن إلقاء التهم جزافا عليها نظرت لها فردوس شزرا ومع ذلك لم تتوقف حماتها عن الصړاخ بها عاوزة تحرميني منه ده كمان مش كفاية جبتي أجل الأول! شهقت مذهولة وهي تتساءل بعدم تصديق أنا شملتها بنظرة مهينة من رأسها لأخمص قدميها أن تتوالى عليها إهاناتها كالصڤعات أيوه اعمليهم عليا يا منحوسة يا خرب البيوت يا آ... لم تتحمل بذاءة لسانها السليط وأوقفتها بصياحها الهادر فيها كفاية ابنك اللي جنى على نفسه بعمايله وربنا انتقم منه! جملتها الأخيرة أشعلت الڠضب بدواخلها فانطلقت تلومها پحقد آخذ في التصاعد وليكي عين تقولي كده في وشي!! ردت عليها بتحد سافر يعني جاية بيتي تتخانقي فيه وعاو أسكتلك وكأنها تزيد الطين بلة بمناطحتها مصمصت حماتها تيها مغمغمة في استحقار صريح عشنا وشوفنا القوالب نامت والأنصاص قامت! ثم اندفعت تجاهها لتمسك بها من كتفها هزتها پعنف وهي تسألها بصوت لا زال صارخا فين ابني يا وش البومة انطقي! بكل ما أوتيت من قوة نفضت فردوس قبضتها عنها وصاحت تنذرها بلهجة شديدة احترمي البيت اللي إنتي فيه! أرسلت لها ضيفتها نظرة ڼارية كالسهام المارقة وهي تزيد من استحقارها المهين لها بكلامها الموجه لشخصها بيت إيه يا أم بيت ده إنتي كلك على بعضك ما يسواش فردة شبشب مة الجربان ما يرضاش يلبسها في رجله. آنئذ كان عوض مستلقيا على فراشه وحين سمع الشجار اللفظي بين والدته وزوجته جاهد لينهض من رقدته سار ببطء حذر إلى أن بلغ الصالة استمع إلى ما تتلفظ به أمه من عبارات مهينة وكلمات نابية فعاتبها في حزن عيب الكلام ده يامه مايصحش كده! التفتت والدته بناظريها إليه ومشت تجاهه تسأله في لوعة عوض عامل إيه يا ضنايا كده ماتجيش تزورني هي موحياك عليا ولا إيه استنكر ظلمها البين وقال نافيا لأ يامه حرام تظلميها أنا أصلي تعبان وبعافية. تحولت أنظارها عنه لتحدج فردوس بنظرة ممېتة أن تطلق لسانها اللاذع عليها أه طبعا عاوزة تجيب أجلك زي ما خلصت على أخوك ربنا ياخدها ويريحنا منها. وقفت زوجته تشاهد ردة فعل زوجها جراء ما تتعرض له من إهانة وإذلال كانت على وشك اتخاذ مو معاديا تجاه الاثنين معا لولا أن نطق عوض بحزم مستعتب كفاية يامه بقى إنتي جاية تسألي عني ولا تخربي بيتي تدلى فك والدته للأسفل وراحت تلوم تحيزه لزوجته أنا يا عوض أكد لها بضيق أيوه أومال تسمي اللي بتعمليه ده إيه اشټعل وجهها كمدا وراحت توغر ه بالمزيد من الإساءات ضد زوجته يا ابني بوز الإخص اللي إنت متجوزها دي مافيش منها رجا طلقها وارجع لحضن أمك. تحولت ملامحه للإظلام وراح يحذرها بتشدد ماسمحلكيش تهينيها هي مراتي واللي ېجرحها يجرحني! رفعت يدها أمام جبينها لتشير إليه بحركة اعتراضية أن تسأله من إمتى الكلام ده يا عوض أجابها مباشرة من زمان يامه بس إنتي اللي مصممة تهدمي حياتي. سألته في نبرة لائمة بقى بتقف في صفها ضدي قال بما لا يدع مجالا للشك في نواياه تجاه زوجته أنا واقف مع الحق ومن زمان على فكرة بس إنتي مش عاوزة تشوفي ده. كانت المرة الأولى التي تشهد فيها فردوس عليه وهو يدافع عن كرامتها وإنسانيتها بل ويحاسب المسيء بلا ندم مما أشعرها بالرضا والحبور بينما استفزت حماتها بردوده ودفاعه المستميت عن هذه المرأة فلكزته في كتفه وهي توبخه بحړقة ماشي يا ابن بطني قلبي وربي غضبانين عليك. قال بهدوء رغم الألم الذي يحز في قلبه ناحيتها كتر خيرك يامه بس اعرفي إني طالما بتقي الله في عباده مافيش ملامة عليا. بصقت عليه وقالت وهي تتحرك نحو باب المنزل ابقى قابلني لو عتبتلك باب بيت تاني!!! توقفت عندما أصبحت عند العتبة ثم استدارت إليه لتكلمه بتعصب لتزيد من إحساسه بالذنب لمعاداتها ولو مت ماشوفكش في تي ولا واقف على قبري وأنا هوصي الناس بكده! مجددا اتجهت نظراتها الحانقة نحو فردوس لتخاطبها في صوت مليء بالإهانة طول ما إنت متجوز الحرباية دي لا أعرفك ولا تعرفني! تبعها عوض ليودعها باحترام تي يامه مجيتي دي على راسي. أغلق الباب بعدما انصرفت واستدار عائدا إلى غرفته حاولت فردوس اللحاق به ونادته عوض! لم يلتفت إليها وطلب منها في رجاء معلش سبيني لواحدي دلوقتي. للحظة ظنت أن ما قاله في حقها كان وهما لمجرد استرضائها بعد الذي قدمته إليه منذ اللحظة الأولى التي عرض فيها الزواج عليها غشى بصرها الدموع تأثرا بما جرى في طرفة عين كسر داخلها وتفتت قلبها وراحت تشتكي لنفسها غير آملة أن يشعر أحدهم مهما مضى الزمان بها بما يجيش في ها من هموم وأثقال هو أنا مش مكتوبلي أتهنى في حياتي أبدا!!! يتبع الفصل السادس والعشرون الفصل السادس والعشرون لحظات فارقة رغم مرور بضعة أسابيع على ذلك الصدام القوي الذي تسبب في ب الخصام بينه وبين أمه إلا أنه لم ين عن زيارتها في بلدتها ومع هذا قامت بصده ومنعه من رؤيته لتضغط عليه أكثر وتدفعه للانصياع إلى تها في تطليق زوجته التي كانت ولا زالت تعتبرها فأل شؤم. حز في قلب فردوس أن ترى زوجها تعيسا مهموما يحمل فوق كتفيه أطنانا من الأثقال والأحزان خاصة بعد مؤازرته الكبيرة لها. حينما عاد هذا المساء إلى البيت واجما وحزينا حاولت تهوين الأمر عليه بجره إلى الحديث معه كان قليل الكلام كثير الصمت فلجأت إلى أمر آخر ظنت للحظة أنه لن يجدي نفعا معه ولكن للمفاجأة وجدته متعطشا لقربها منتظرا للحظة اللقاء الدافئة بينهما. أراحت فردوس ظهرها على الفراش ووسدت رأسها الوسادة عندما انطفأت جذوة المشاعر المتأججة بينهما ساد السكون من جديد وكأن شيئا لم يكن مما أوغر وجعلها تشعر بالقلق. لم تتحمل هذا السكوت الموجع لهذا تشجعت لتسأله أمرا وبضعة دمعات غادرة تتراقص في عينيها أثناء تحديقها في سقف الغرفة المعتم عوض إنت صاحي بعد زفرة ثقيلة مسموعة لها قال أيوه. سكتت لهنيهة لتستجمع جأشها وسألته بصوت مخټنق دون أن تنظر تجاهه مطلقا وكأن في رؤيتها لتعابيره الحقيقية أمرا مؤلما لها هو إنت اتجوزتني ليه اندهش لسؤالها الذي اعتبره في غير محله وأجابها سائلا في شيء من المعاتبة وقد استدار لينظر إليها جاية بعد السنين دي كلها تسأليني يا فردوس آنئذ التفتت لتبادله النظرات الحزينة ثم ألحت عليه بتصميم رغم توقعها لقساوة الجواب معلش عاوزة أعرف يعني أنا فاكرة إنك كنت مڠصوب عليا وآ... قاطعها في صوت متجهم ماتكمليش! غص ها بالبكاء فخنقت أنفاسها لئلا تبدو بمثل هذا الوهن وأصغت إليه بت متوتر وهو يسترسل موضحا محدش بيبقى عارف النصيب هيكون مع مين ولا هيحصل إزاي بس اللي أنا متأكد منه إنك بنت حلال ومن أصل طيب. بدا رده حياديا دبلوماسيا وغير جارح لها ومع ذلك هتفت بكلمة محددة كانت تعني من مدلولها الكثير وأمك صمت للحظات فأكملت بصوت ظهر كالنشيج أنا عارفة إنها كرهاني وإنت صعبان عليك زعلها منك وبتيجي عليك لحظات ما بتبقاش طايقني فيها ويمكن تكون ندمان إنك اتجوزتني. سألها في هدوء جاد مين قال كده ردت مباشرة وهي تكفكف دموعها المنسابة بظهر كفها مش محتاجة قوالة دي حاجة بتتحس. هز رأسه قليلا ثم استطرد مستفيضا في رنة صوت هادئة شوفي يا فردوس ربنا سبحانه وتعالى قال وصاحبهما في الدنيا معروفا ۖ وده اللي أنا بعمله مع أمي حتى لو ڠضبانة مني عشان معملتش اللي هي عاوزاه لأنه هيغضب ربنا مني أنا عليا أودها بالمعروف وأراضيها لحد ما قلبها يحن وتفهم إني مرتاح معاكي. كلماته الأخيرة كانت كالبلسم على چراحها العميقة أثلجت روحها وطمأنت قلبها لذا انتفضت راقدة لتسأله في لوعة وتلهف وكأنها تشتاق لهذه الجرعة المحدودة من الاهتمام والصدق إنت مرتاح معايا ابتسم إلى حد ما وهو يجيبها بلهجة لينة مترفقة يعني لو مش متهني ومرتاح معاكي إيه اللي هيغصبني أكمل إنتي رزق ربنا ليا وأنا حامده وشاكره. امتدت يدها لتمسك بكفه وقالت في امتنان يشوبه التضرع وقد عادت عيناها لتفيض بالدمع الغزير ربنا يخليك ليا وتفضل على طول سندي. ظل عوض محافظا على ابتسامته البسيطة والصافية وهو يرد يا رب. مرر يده في خصلات شعره وراح يدعك رأسه برفق عدة مرات على أمل أن يخفف من أثر ذلك الصداع الرهيب الذي يفتك به باله كان لا يزال مشغولا بالتفكير في هذه الورطة العالق بها زواجه ب تهاني! ظن أن الأمر في البداية مجرد لعبة سخيفة يستمتع بها لبضعة أيام أو أسابيع وفي نفس الوقت يجني من ورائها الربح والمال لكن ما قرره رفيقه فجأة قلب الموازين وجعل الأمور أكثر تعقيدا. همهم ممدوح بصوت منزعج وهو ينفخ دخان سيجارته في الهواء الطلق أثناء وقوفه بالة يعني أنا كده لبست فيها على طول!! سحب مرة أخرى نفسا عميقا حپسه في ه للحظات أن يحرره دفعة واحدة متابعا حديث نفسه لازما أشوفلي حل وأخلص من الرابطة السودة دي. شروده الممتد جعله لا يدرك تواجد زوجته بالقرب منه لم يشعر بها تماما إلا حينما التصقت به لتسأله صراحة وهي تتفرس في ملامحه بتدقيق حياتي سرحان في إيه تصنع الابتسام ونفى انشغاله عنها بقوله ولا حاجة يا حبيبتي. رفضت تصديق
متابعة القراءة