رحله الآثام منال سالم
المحتويات
أيضا بنظرة مهتمة أيوه ومحدود مش مع أي حد. أنا مش عارفة أقول لحضرتك إيه أنا هحافظ عليهم زي عينيا. رد بما يشبه النصيحة وهو يشير لها بسبابته المهم تستفيدي منهم. بلا تفكير أخبرته أكيد دول كنوز. عرض عليها في لباقة وقد تأهب للخروج تعالي أوصلك في طريقي. ترددت للحظة متذكرة كيف استغلت ابتهال الفرصة لتفسير الموقف على هواها وبما يسيء مافيش داعي تتعب نفسك في عربية بتوصلني. رأى كيف تغيرت ملامحها للرسمية فاعتقد أن فسحتهما الأخيرة قد أت الهدف من ورائها وأفسدت ما نما بينها وبين مهاب من ود وتقارب لذا تعمد اللعب على نفس الوتيرة المحاذرة معها وقال بعد نحنحة سريعة مش حابب أكون بضغط عليكي بس لو ده يريحك فأنا معنديش مانع. استحسنت تفهمه لموقفها فاستطردت ممتنة شكرا على الكتب والمراجع. لم تخبت ابتسامته المهذبة المرسومة على ه وأردف وهو يهم بالخروج دي حاجة بسيطة عن إذنك يا دكتورة. شيعته بنظراتها المتشككة إلى أن اختفى عنها لتعاود المكوث بمفردها في غرفتها وهي شبه حائرة في شأنه. تساءلت بصوت خفيض كأنما تفكر فيما يراود عقلها من أفكار متصارعة يا ترى ده عاوز مني إيه! كان الوقت أوان العشاء تقريبا حينما شعرت بالإرهاق وبالنوم يزحف إلى جفنيها لتشعر بثقل رأسها وتبدأ في التثاؤب. فها هي عطلة أسبوع أخرى تمضيها بين الكتب والمراجع والملخصات موهمة نفسها بأنها بذلك تقوم بتعويض ما فاتها لتحقق نتائج طيبة في دراستها. إنتي هتنامي دلوقتي ردت باقتضاب وهي تستلقي على الفراش بعدما أزاحت الغطاء أيوه. مش هنسهر شوية مع بعض جاوبتها بصوت متكاسل لأ. جلست ابتهال على حافة الفراش مجاورة لها تتأملها مليا بنظرات طويلة غريبة فقد جال بخاطرها بعد تفكير عميق أن تستفيد مثلها من صحبة الأثرياء وتنال ما يخدمها وينقلها ده إنتي حتى ما بترضيش تخرجي معايا! نفخت في صوت مسموع ودمدمت بتأفف مش فاضية. لكزتها ابتهال في ساقها متسائلة في سخافة وشها بالغيرة الممزوجة بالفضول يتفشى فيها بقولك إيه أومال الدكتور إياه الحليوة مافيش أخبار عنه لم تحبذ تهاني التطرق إلى سيرة مهاب نهائيا خاصة مع هذه المتطفلة المزعجة يكفيها أنها استطاعت تجاوز ما عانته بصعوبة لذا أولتها ظهرها مهمهمة في وجوم مقتضب معرفش. ألحت عليها في استنكار سمج رافضة تمرير الأمر دون التحري أكثر عن تفاصيله معقولة ده إنتي المفروض تمسكي فيه بإيدك وسنانك... بجهد عظيم حاولت تهاني سد أذنيها عما تتفوه به لكن ابتهال تابعت مضايقتها تفاضتها النزقة تعرفي أنا سألت عنه زمايلي وقالولي إنه حاجة أبهة في العليوي خالص وأبوه باشا من بشوات زمان. مرة ثانية وكزتها بخفة في ساقها لتثير انتباهها وهي لا تزال تثرثر ده إنتي تبقى أمك دعيالك لو ده حصل. مش عاوزة أسمع حاجة عنه خالص فيا ريت تسكتي!! لم يشبع ذلك فضولها الجائع لمعرفة أصل الموضوع وتفاصيله فتساءلت بوقاحة ليه بس هدرت بها بانفعال مبرر وهي تدفعها بيدها لتجبرها على النهوض من جوارها مايخصكيش! فقدت آخر ذرات تحملها انتفضت ناهضة بتعصب من على الفراش وهي تصرخ بها هو إنتي عاوزة تعملي حوار من غير حاجة ثم أمسكت برسغها لتشدها بقسۏة فتجبرها على النهوض وصوتها لا يزال صارخا كفاية بقى حلي عن دماغي وقومي من هنا. تحركت ابتهال مبتعدة عنها وهي تزم تيها مرددة بغير رضا براحتك .. إنتي الخسرانة! لكنها توقفت عند عتبة الغرفة مستطردة بسماجة صحيح التلاجة معدتش فيها أكل كفاية عاوزة فلوس أشتري بيها اللي ناقص. اشتد بها غيظها منها فعجزت عن تحمل المزيد منها لذا اڼفجرت مفرغة فيها كامل عصبيتها المكبوتة يعني أنا طول اليوم برا ولما برجع بنام على طول تقريبا مابفتحش التلاجة دي خالص وإنتي كل يوم والتاني هاتي فلوس هو في إيه!!! ردت ببرود استفزها أكثر مش احنا شركا أخبرتها صراحة وهي ټ كفها بالآخر لأ خلاص كل واحد في سكة. يعني إيه رغم أنها لم تضع ذلك القرار في الحسبان وقت سابق إلا أنها شعرت بحتمية تنفيذ الأمر إراحة لنفسها من ملاحقتها الخانقة لها فأكدت لها ما سمعته بعزم شديد أنا من بكرة هدور على مكان أكون فيه لواحدي وبراحتي. اڼصدمت من قرارها المباغت واحتجت متسائلة في استهجان ليه كده يا تهاني أنا زعلتك في إيه بس لم تراوغ أو تجمل كلامها عندما أجابتها ببساطة كده مش مرتاحة معاكي. المزاح كان مستبعدا في هذا الشأن رأت ابتهال في عينيها تصميما عجيبا على فعل ما انتوته بشكل ي مما هدد مخططاتها التي ترسمها لمشاركتها جزءا من الترف الذي تحياه بمفردها فاستعطفتها بدموع زائفة هو عشاني بس عشرية حبتين ده احنا المفروض نكون سند لبعض. أجهشت بالبكاء المصحوب بنحيب مرتفع وهي تلومها حرام عليكي كده تكسري بخاطري ولا عشان بقيتي مسنودة من رجالة غريبة عننا!! جملتها الأخيرة احتوت على تلميح فج غير مقبول أبدا انطلقت تهاني صوبها مدفوعة بحنقها وراحت تدفعها دفعا للخارج وهي تصيح بها امشي من هنا اطلعي برا. ثأرا لكرامتها ردت عليها ابتهال تتوعدها وقد توقفت عن ذرف الدموع فجأة لتبدي لها نوايا غير طيبة تجاهها ماشي وأنا هقول الناس على اللي بتعمليه يا محترمة! هدرت في ذهول كبير أنا بعمل إيه ألقت عليها تهمتها بفجاجة حتى تعاود التفكير مجددا كل يوم مع راجل شكل والله أعلم بتعملوا إيه سوا. انت أنفاس تهاني في صدمة جلية بينما ابتهال تزيد في إرعابها بكلامها المهدد تخيلي بقى لو أنا حطيت شوية بهارات على اللي بشوفه. لتؤكد على تحذيرها الخطېر استرسلت تنذرها بجدية والكل هيصدقني لأني معنديش اللي أداريه ولا حتى أخاف إنه يضيع مني. حينئذ قصف قلبها بقوة من ټهديدها الفارغ الذي لن يأتي عليها إلا بكل ما هو غير محمود فبرقت نظراتها وأحست بها تهرب من عروقها ومع ذلك تحدتها قائلة بتشنج طب جربي تعملي كده وهايبقى آخر يوم ليكي هنا يا ابتهال! وضعت يدها أعلى منتصف ها ثم ساومتها بخبث وهذا الهدوء مستبد بها وليه نعادي بعض من الأساس خلينا زي ما احنا وأنا يدوب هاخد حتة من التورتة اللي إنتي غرقانة فيها ويا دار ما دخلك شړ. و أن تفكر في رفض عرضتها رفعت يدها أمام وجهها وأخبرتها بابتسامتها الظافرة خدي راحتك وماتستعجليش في الرد. تركتها ابتهال على حالتها المصډومة وغادرت لتقوم تهاني بغلق الباب وهي ترتعش كليا ظلت تعبيراتها مصعوقة وعيناها مذهولة. بالكاد تمكنت من التماسك وهي تسير شبه زاحفة بخطواتها نحو الفراش. أخذت تردد مع نفسها في توجس شديد دي لو عملت كده أبقى أنا ضعت على الفاضي!!! التنازل يبدأ بمرة تتنحى فيها المبادئ جانبا ثم يستمر ذلك في الحدوث تباعا كحبات العقد حينما تنفرط من رباطها وتتناثر في كل اتجاه ليتحول في الأخير لأمر إلزامي على صاحبه! جاء بدري لزيارة زوجته في بيتها بعد تحديد ميعاد مسبق جلسا معا بالصالة وبمفردهما فتوهمت الأخيرة أنه أتى بالبشارة ليسعدها بأخبار سارة تخص إعلان موعد زفافهما لكنه صدمها بمسألة سفره للخارج فوجمت وجفل قلبها. ابتلعت فردوس ريقها بصعوبة وسألته بتعابير شاردة ونبرة مهتزة طب وجوازنا أجابها ببرود تام مافيهاش حاجة لما يتأجل شوية. زحفت الدموع إلى مقلتيها حتى بدا وجهه مشوشا في عينيها تجاهل ما تشعر به وزفر معللا لها ته مش أحسن ما يبقى حالنا على أده ده أنا هشتغل عشان أجيبلنا بيت يبقى بتاعنا لواحدنا. حين رفرفت بجفنيها انسكبت عبراتها على صدغيها لتبكي في صمت مقهور ورغم هذا لم يبد بدري متأثرا بحزنها الجلي لكنه حاول أن يظهر تعاطفا غير موجود فيه فربت على ذراعها في رفق وتابع الحكاية مش هتطول ده كام شهر بالكتير ولو ما اتوفقتش هرجع تاني. تفرس فيها بناظريه وأدرك حينها أنه منذ اللحظة الأولى لم يشعر بالانجذاب إليها حاول إرغام نفسه على تها وأكمل ما ظن أنه مناسب لشخص مثله لا يملك إلا القليل فارتضى بها شريكة في حياته لن تشتكي فقره ولن تطمع في تحقيق ما يفوق قدراته ومع ذلك ظل هذا النفور سائدا لكن ما لبث أن ازداد تعمقا به حينما لاحت هذه الفرصة الذهبية في الأفق فكيف له أن يضيع ما أوشك على الظفر به مقابل التمسك بها حضر من تأملاته الشاردة لينعكس ضيقه على تقاسيم وجهه عندما خاطبته فردوس بحزن طب ما تاخدني معاك واهوو ناخد بحس بعض. هتف منتقدا ما رددته بحدة شيفاني يعني غاوي غربة وپهدلة انتفض بدنها من صراخه رغم خفوت نبرته فتنفس من بين أسنانه ببطء ليضبط حاله لم ي لما أرتب أموري غير كده مش ها على نفسي أبهدلك في بلاد غريبة يا بنت الناس. داهمها الحزن أكثر فخشي أن تنوح ويتضاعف بكائها فتأتي والدتها لمحاسبته لذا أضاف فا ولو كان كڈبا أنا مستغناش عنك. استسلمت مصدقة عذب كلامه وقالت بصوت مهموم هاقول إيه غير أمري لله. انتفخ ه في ارتياح بعدما أتم مهمته بنجاح ليعلق ما في حبور تعيشي يا بنت الأصول. فهمي أمك بقى على الحكاية وأنا هعدي عليكي تاني. قام وا وودعها في الحال سلام. اصطحبته إلى الباب وهي تمسح بقايا دموعها براحة يدها لتستدير دفعة واحدة فور أن أغلقت الباب لتنظر إلى والدتها التي بادرت بسؤالها في إيه يا فردوس قالبة سحنتك ليه!! مع انحدار الشمس نحو المغيب كان كلاهما ين عند الجراج الملحق بالمى أمام سيارته في انتظار وصول العربة التي تقل تهاني إلى مسكنها فالأخيرة قد أصرت على إعادة ما استعارته من كتب ومراجع إليه لتنهي بذلك السبب الذي يدفعها لمقابلته. لاحظ ممدوح إنتي مش معايا النهاردة في حاجة مضايقاكي تنبهت من شرودها المحفوف بما يزعجها ويقلقها من نوايا ابتهال غير المعلومة لها لكنها حتما لن تشارك مخاوفها معه. تصنعت الابتسام وردت لأ عادي شكرا مرة تانية على الكتب أنا ممنونة ليك. وضع يده في جيب بنطاله وعقب ما قالت كنوع من المجاملة حاضر. أملت أن تصل العربة في أي لحظة لتعفي نفسها من هذا الحرج ومن إيجاد أي مبررات لتفسير موقفها الحذر معه اندفعت ناظرة إليه بنظرة ضيقة عندما تكلم مرة أخرى في صوت هادئ لكنه جاد المهم أنا كنت عاوز أبلغك بسفري. سرت خفقة غريبة في قلبها لأن ذكره لمسألة السفر
متابعة القراءة