رحله الآثام منال سالم
المحتويات
عنه واڼفجرت فيه بعاصفة كلامية متحيزة وهي تشير بإصبعها له وسمعتنا ومجهود السنين اللي عملناه هنا!! نهض بدوره ليواجهها وأمسك بها مجددا من رسغها ليعلق عليها شوفي لو مهاب فيه كل العبر بس حاجة مهمة بتميزه إنه دايما مابيقعش إلا واقف. حاولت تحرير يدها من قبضته وهي تسأله في تخبط مش فاهماك! إنت كده بتحيرني بزيادة!!! استرخت قبضته على معصمها لتنخفض في بطء وتتخلل أعه أناملها ليتشابكا معا في اتحاد وصوته يخاطب أذنها بلهجة العاقل يعني مهاب مش هياخد الخطوة دي ولا هيجبرنا نروح معاه إلا لما يكون مظبط أموره كويس جدا وماتنسيش إنه يعتبر من صفوة المجتمع. كان يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف لهذا استطاع أن يلين رأسها المتيبس بقدرته الفائقة على الإقناع فاسترسل مستفيضا في توضيح مخاطر معارضته في التو قالت وبلا تفكير وكأنها قد استطاعت رؤية الجانب الآخر والمظلم من الأمر لأ طبعا. حافظ على ثبات بسمته الماكرة وطلب منها خلاص اعتبريه تكليف وخديه بالرضا. نكست رأسها قليلا وهمهمت معترفة في نبرة مضطربة أنا حقيقي بقيت أخاف من مهاب أكتر من الأول مش مطمنة. لم يحرر أناملها وطوقها من ها ليضمها إلى ه راح بعدئذ يمسح على ظهرها بنعومة وهو يؤكد لها اهدي يا حبيبتي مش هيقدر يعملك حاجة وأنا موجود أومال أنا جاي على نفسي ليه عشانك حينئذ رفعت عينيها لتنظر إليها تبسمت عندما أخبرها ده أنا كلي فداكي. بس برضوه لازم ناخد بالنا. حرك رأسه مؤكدا وهو يعاود ضمھا إليه طبعا. من طرف عينه لمح ممدوح صغيرها قادما فتعمد التودد إلى والدته بية متجاوزة كما لو كان يشتهي قربها كثيرا مما قد يسيء عقل الصغير تفسير ما يدور لوجود بعض الجموح بتصرفاته وذلك فقط ليستثير حنقه كأنما يريد الاڼتقام منه بطريقته الخبيثة ونجح في ذلك. سرعان ما تنبهت تهاني لوجوده وهتفت بتحرج شديد وهي تتراجع عن زوجها لكن وجهها ظل مضرجا بحمرة ساخنة حبيبي إنت رجعت من النادي إمتى استطرد ممدوح كذلك بأسلوبه الوقح المغيظ ونظراته الشامتة مرتكزة عليه أوس إنت دايما تيجي كده في الأوقات الصح! تجاهله الصغير مباعدا عينيه القاسيتين عنه ليخاطب والدته في صوت متجهم ماما عاوزك. هي مشغولة معايا لما تخلص هتجيلك. في صوت صارم ووجه غائم أمرها الصغير تعالي دلوقتي. هزت رأسها مرددة بعد نظرة سريعة ألقتها نحو زوجها طب روح يا أوس وأنا هحصلك. حدج كلاهما بنظرة ڼارية أن يغادر لتعقب تهاني في تحرج خجل لازم ناخد بالنا واحنا مع بعض أوس بيضايق. رد عليها بع مش إنتي دايما تقولي عنه عيل ماتكبريش الحكاية. صممت على رأيها في اتخاذ الحذر التام في مة طقوس الهوى برضوه أنا مش عايزاه يزعل. لحظتها وجدت منه جفاء عجيبا وكأنه خاصمها أولاها ظهره قائلا براحتك. انتابها ش الندم فلحقت به تسأله في جزع إنت اتضايقت ولا إيه رد باقتضاب عادي. وكأن ضميرها يؤنبها على تسرعها هتفت تناديه في نبرة آسفة ممدوح! لم يكلف نفسه عناء الرد عليها زاد من قلقها رؤيتها إياه وهو يرتدي سترته استعدادا لذهابه سألته في توتر ممزوج بالخۏف إنت خارج وضع مفاتيح سيارته في جيب سترته وكذلك علبة سجائره ليقول بإيجاز مماثل لباقي ردوده السابقة أيوه. حلت دهشة مرتاعة على وجهها وهتفت دلوقتي ظنت أن خروجه الآن ما هو إلا ردة فعل لمطلبها اعترضت طريقه واستوقفته من ذراعيه بكلتا يديها لتتوسل إليه وهي تشد عليهما بأناملها عشان خاطري ماتمشيش وإنت مضايق مني. انتشى داخله لقدرته الفائقة على تطييعها وإخضاعها بأقل مجهود وضع ابتسامة صغيرة على محياه قائلا ويده ترتفع لتمسح على وجنتها بنعومة حبيبتي أنا ورايا كام مشوار عاوز أعملهم... تخللها ش الارتياح وبادلته الابتسام لكن تبدد حالها سريعا عندما اختتم جملته بما أرعبها وهعدي على مهاب! عكس تعبير وجهها وأيضا نظراتها هذا الفزع الكبير فاستجدته بأنفاس متة بلاش تروحله ھيأذيك! قال مطمئنا إياها مايقدرش وبعدين أنا هشوف دماغه فيها إيه. استردت أنفاسها بصعوبة ومع ذلك أوصته طب خد بالك يا ممدوح مش عاوزة أي حاجة تحصلك. أكد لها بثقة واضحة ماتخافيش عليا. انصرف بعدما منحها ة مقتضبة على جبينها لتظل ماكثة في موضعها والخۏف يتسلل إليها من تخيل حدوث الصدام بينهما إن أبدى زوجها تحيزه لموقفها المعارض للذهاب هكذا ظنت بحماقة! السلطة والنفوذ كان غريبا ومريبا. جلس ممدوح مواجها لرفيقه في بيته شبه الخالي هز مهاب رأسه إيجابا فتابع الأول مستنكرا وبشيء من الشماتة كذلك ده إنت كنت فرخة بكشك عنده إزاي يسلم الإدارة ل سامي بعد زفرة سريعة أخبره مش فارق معايا أنا محتاج أظبط حاجات تانية أهم. هو في أهم من الثروة والفلوس والعز والجاه! رمقه بهذه النظرة المحذرة أن يرد بلاش تتدخل في اللي ملكش فيه. اكتفى ممدوح بتحريك رأسه بإيماءة صغيرة ومع ذلك ظل داخله يردد بسخط ناقم وكأنه يحسده فيما لم يملك منذ نعومة أظافره خلاص جهزت نفسك أجابه وهو يمرر يده أعلى رأسه فاضل كام حاجة كده هظبطها وبعدين نحصلك أنا والمدام. أشار له مهاب بيده هاتفا في لهجة جادة تحمل في طياتها الإنذار وأوس كم .. فاهمني! مرة ثانية حذره مهاب مشيرا بإصبعه ويا ريت تبطل تضايقه لأن زعلي وحش. تنحنح مبررا بالكذب هو بيتعب أمه فبتضطر تطلب مساعدتي عشان تعرف تسيطر عليه. لم يقتنع بزيف ادعائه وأمره بتسلط متكبر سيبه يعمل اللي عاوزه محدش ليه كلمة عليه وهي بالنسباله مجرد خدامة وبس! وقتها بدا تعبير وجه ممدوح غير مقروء فاتر فقط ابتسامته اللزجة ذبلت قليلا خاصة عندما واصل إملاء أوامره عليه ويا ريت تحاول تخلص منها في أقرب وقت. عاد ليبتسم بقوة وهو يؤكد له بمكر الثعالب هيحصل ما إنت عارفني بحب التجديد .. زيك! بعد مرور شهر اضطر للعودة للعاصمة المصرية عندما علم بتدهور حالة والده الصحية لم يكن ليتركه وحيدا في أيامه الأخيرة ظل ملازما له وساعيا بكل ما يستطيع لمداواته لكن فارقت الروح الجسد وانتقلت للرفيق الأعلى ليقوم مع شقيقه بتشييع جثمانه في جنازة مهيبة تليق به كرجل أعمال معروف في الأوساط المجتمعية ثم تواجد كلاهما في دار المناسبات المرموقة بعد يومين حيث أقيمت مراسم تلقي العزاء فيه. جلس الاثنان متجاورين فبادر سامي بالحديث في نبرة غبطة شبه سعيدة وكأنه عاجز عن إخفاء سروره لتهميش دور شقيقه المفضل لدى أبيه مش عاوزك تزعل يا مهاب إن الباشا اختارني أمسك كل حاجة رغم إنك المفضل عنده. لم ينظر ناحيته وتركه يكمل وصلة إغاظته بترديده الفارغ بس ده الصح هو بيثق فيا وأكيد شاف فيا حاجة مش موجودة فيك. شعر بيده تربت على فخذه فرفع بصره إليه ليجده يقول بعينين ضاحكتين وكأن في مۏت والديهما سعادة لا توصف له اطمن لو احتاجت حاجة أنا جمبك. مط فمه ثم أوجز قائلا أكيد. ان سامي في جلسته على مقعد العزاء واستطرد في لهجة المتحكم وكأن ما ظفر به بعد مماته هو التعويض الملائم الذي يستحقه بعد إقصائه لسنوات أرباحك السنوية هحطهالك في حسابك ده غير مبلغ شهري محترم هيوصلك أول كل شهر. كان من السخيف التطرق لهذه الأمور في مثل هذا الظرف لهذا لم يدع مهاب الأمر يمر واستعتبه بضيق بيتهيألي الكلام ده مش وقته احنا في عزا الباشا وده مش أي حد الناس كلها جاية عشان عارفة قيمته كويس فيا ريت نحترم ده. تلونت بشرته بحمرة طفيفة جراء إحراجه الصريح له وقال حفظا لماء وجهه المراق أه طبعا بس عشان الأمور تبقى واضحة من الأول بينا. التزم الصمت بعدها ورغم ذلك لم يستطع التغطية على ابتهاجه الملحوظ للجميع. لا شك أن الخروج في هذا النهار الحار كان غير موفق بالمرة خاصة مع اقتراب الوقت من الظهيرة وعدم وجود ما يحجب أشعة الشمس القاسېة. تجولت فردوس مع جارتها في منطقتهما الشعبية وهما تحملان من الأكياس ما يكفي لسد احتياجاتهما لأسبوع أو أكثر. توقفت كلتاهما عند إحدى البائعات مالت إجلال على رفيقتها لتهمس لها بشيء في أذنها ثم ابتعدتا عنها وهما غير راضيتان عن بضاعتها الذابلة. مصمصت فردوس تيها وأردفت قائلة في تبرم ما كنا جربنا نجيب حاجتنا من السوق التاني أسعاره أرخص والخضار فيه طازة. تذمرت رفيقتها على اقتراحها هاتفة بس مشوار يهد الحيل يا دوسة وأنا مش قادرة ألف. ردت عليها بتأفف ما هو البياعين مطلعين عينا. ضحكت لوهلة وعلقت هو إنتي يعني بتسكتيلهم ده إنتي أستاذة في الفصال! ابتسمت لما اعتبرته مدحا وتابعت مشيها معها إلى أن شعرت برأسها يدور توقفت فجأة مالك يا فردوس إنتي بخير أخبرتها في صوت أظهر إجهادا غريبا مش عارفة زي ما يكون دايخة كده والأرض عمالة تلف بيا. في التو جمعت ما تحمله كلتيهما في يد وحاولت إسنادها من ذراعها بيدها الأخرى لتحول دون وقوعها وطلبت منها في تعجل طب تعالي هنا عند البقال ترتاحي شوية. كانتا قريبتان من المحل فسارتا بضعة خطوات ناحيته وصوت إجلال ينادي بتخوف كرسي أوام الله يكرمك يا عم زهير! نهض ذلك الكهل من على مقعده فور أن وجدهما يقتربان منه وسحبه تجاههما مرددا دون تأخير اتفضلي يا ست البنات. عاونت إجلال رفيقتها على الجلوس ثم تركت الأكياس جانبا وراحت تجفف بطرف حجابها شعرت فردوس وكأن رأسها يصبح أكثر ثقلا وجسدها أكثر تراخيا بدا من الصعب عليها التنفس بسهولة فحاولت حل طرفي حجابها لتسحب أنفاسا عميقة إلى رئتيها كانت قادرة على تمييز صوت زهير وهو يخاطب رفيقتها ما الجو بصراحة النهاردة مش طبيعي. ثم سمعته يكلمها بودية ألف سلامة يا ست فردوس نجيبلك عصير ولا حاجة باردة تروقي بيها دمك ردت عليه معتذرة وهي ترفع يدها ببطء لتشير له مالوش لازمة دلوقتي هبقى كويسة. تساءلت إجلال في جزع إيه اللي جرالك بس ياختي ده إنتي كنتي كويسة وزي الفل. بصوت واهن أجابت مش عارفة بس آ... وقتئذ حلت غيمة من الظلام على مدارك فردوس فشدتها قسرا إليها لټغرق فيها وتفقد وعيها. صړخت إجلال بفزع وهي تحتضن وجهها بيديها لتهزها منه يا نصيبتي فردوس ردي عليا! زهير كفا بالآخر واقترح في الحال أنا هجيبلها كولونيا من عندي تا سارع في خطاه عائدا لداخل بقالته لكن إجلال طلبت منه
متابعة القراءة