رحله الآثام منال سالم

موقع أيام نيوز

مآربه منها. ما إن انتهى المصور من أخذ اللقطات المناسبة حتى الټفت إلى ناريمان ممددا يده لمصافحتها وهو يقول مبروك على شراكتنا الجديدة. بالكاد لامست كفه وردت في اقتضاب ميرسي. ثم سحبت يدها في التو فأظهر عدم اكتراثه بجفائها وواصل الكلام بألفة واحترام أنا واثق إننا هنكتسح السوق الحكاية مجرد وقت ومحدش هيكون موجود ينافسنا ردت بهزة خفيفة من رأسها أها.. حاول إطالة مدة الحديث بينهما فأضاف يمكن أي حد يستغرب إني دكتور ومهتم بأمور البيزنس جدا بس في الحقيقة الاتنين واحد حتى لو المجال مختلف. بدت وكأنها لا تلقي بالا لما يفوه به حتى أنها باعدت نظراتها الفاترة عنه وهمت بالانصراف لولا أن استطرد بشيء أزعجها وجعلها تتجمد في موضعها إنتي شكلك متغير شوية. حدجته بهذه النظرة القوية المستنكرة أن تلومه إيه يا دكتور ده نظام جديد للمعاكسة أوضح لها بجدية مش محتاج أعاكس يا هانم بس من واقع خبرتي أقدر أعرف أض المړض من لون البشرة والجلد وإنتي فيكي آ.. قاطعته في غطرسة صريحة مستخدمة يدها في الإشارة شوف لو أنا تعبانة أكيد هروح لأحسن دكاترة في العالم مش أي حد. تضمنت عبارتها الأخيرة تقليلا من قدره مما ضايقه وما زاد من هذا الش المزعج انسحابها المتعجرف عن إذنك ضيوفي منتظريني. أشار لها بيده معقبا بهدوء حذر اتفضلي. بدا في نبذها له تحديا مثيرا ومشوقا لهذا رفض مهاب الاستسلام مبكرا لمحاولات صدها الدائمة له وأصر على إيقاعها في حبائله حتى لو كلفه ذلك الشراكة القائمة بين العائلتين. على هيئة استدعاء رسمي أرسل في طلب ولي أمره للحضور في التو والحال رغم أنه لم يمر سوى شهر واحد على مكوثه هنا. عجز مدير هذا الصرح التعليمي المعروف برقيه بالتعاون مع فريق التدريس الاحترافي على ضبط أو تقويم سلوك هذا الطالب المستجد فالأخير كان يزداد عڼفا وتمردا وعداء لكل المين به مما يشكل ټهديدا قويا على نظم وأسس المكان الراسخة. جلس مهاب أمام المدير وهو يناوله أوراق الملف الخاص بابنه إليه مبديا أسفه سيدي نحن نعتذر عن إبقاء ابنك بمؤسستنا التعليمية. لم ينبس بكلمة وأصغى إليه وهو يبرر له اتخاذه لذلك القرار الصاډم لقد بذلنا قصارى جهدنا معه لكنه لا يستجيب مطلقا. اقترح كذلك عليه في ختام كلامه إليه من الأفضل أن يذهب إلى مكان آخر غير مقيد بقوانين. حفظا لماء الوجه أوجز مهاب في رده حسنا. ثم نهض وا فمد المدير يده لمصافحته مختتما حديثه شكرا لسعة ك. اكتفى بهز رأسه ومغادرة المكتب ليجد وحيده ينتظر في غرفة السكرتارية على مقعد منفرد يهز ساقه في عصبية حين رأى أوس أبيه انتفض قائما فأشار له الأخير ليقترب منه ثم سأله في وجه صارم عملت فيهم إيه يا أوس لهنيهة تردد الصغير في إخباره مخافة من غضبه لكنه في النهاية تجرأ وأفصح له مش عاوز أفضل في المدرسة دي يا بابا. سأله في نوع من التوبيخ وده يخليك تتصرف كده لحد ما تتطرد بعد زفرة سريعة أباح له بالسبب الحقيقي للجوئه لهذا السبب ماما وصاحبك. حينئذ غامت تعابيره تماما وكز على أسنانه مهسهسا قولتلي بقى. ابتسامة غريبة ظهرت على وجه مهاب عندما خاطب ابنه بجدية طالما دي تك فهترجع البيت تاني وكمان مدرستك القديمة. اندهش الصغير من موقف أبيه الذي كان يظنه غير هذا كليا. وضع مهاب ذراعه على كتفي ابنه واستحثه على المشي معه وهو يواصل الكلام لكن إلى نفسه وأمك هتتحاسب مع اللي وزاها على كده بس كله في وقته! الصڤعة المباغتة والعڼيفة التي تلقتها على وجنتها فور أن واجهها مهاب جعلت شها بالارتعاب منه يبلغ ذروته في لحظات وكأنها لن تسلم من بطشه أبدا ستظل دوما قابعة تحت مظلة تهديده. فهمت دون الحاجة للإيضاح أن الأمر متعلق بصغيرها فقد وصل إليها ذلك الإنذار اللعېن بفصل ابنها من المدرسة وكذلك بعث بمثيله إلى والده. حاولت التبرير له فتوسلته وهي تتراجع مبتعدة عنه مهاب! من فضلك اسمعني! هدر بها في صوت مجلجل وأجش رافعا سبابته أمام وجهها ابني خط أحمر يا دكتورة يا محترمة. تطلعت إليه في ارتعاب فأكمل تهديده اللفظي لها أوعي تفكري بإن جوازك من ممدوح هيحميكي مني اخشوشنت نبرته وتوحشت نظراته وهو لا يزال يصيح بها إنتو الاتنين تحت رجلي! رمقها بنظرة احتقارية مهينة أن ينهي كلامه المذل لها ده أنا اللي مظبط كل حاجة ليكم يعني في لحظة أمحيكم من الوجود. ارتعش صوتها وهي تستجدي غفرانه صدقني أنا كنت بدور على مصلحة ابننا مقصدش أبدا آ... قاطعها أن تكمل تبريرها بأمره الحاسم مش مسموحك بده أصلا أنا الوحيد اللي مسئول عنه... ما لبث أن غلف صوته رنة الټهديد القاسېة حين أكمل ولا تحبي أحرمك منه نهائي عندئذ ان قلبها وغاص بين ضلوعها هلعا في التو أظهرت ندمها الكامل بهتافها أنا أسفة مش هتحصل تاني. حدجها بنظرة أخرى أكثر إهانة ليأمرها بإصبعه كنوع من الاستزادة في الإذلال يبقى تي رجلي. فاجأته حينما وافقت اللي إنت عاوزه أناهنفذه. انحنت جاثية على ركبتيها وزحفت إليه لت طرف حذائه فما كان منه إلا أن ركلها في فكها لتتلوى بعدها صاړخة من الألم الشديد وقد راحت خيوط ال ټ بغزارة من بين أسنانها. وقتئذ أخبرها بت دي قرصة ودن ليكي! نظرت إليه نظرة العاجز الذليل والمغلوب على أمره. بكت في قهر وهي تراه ي طقوس هيمنته دون أن تبدي ردة فعل لذلك فهي في نظره المخطئة منذ البداية وحتى النهاية. حينما اكت ما تعرضت له في غيابه وفي عقر داره انطلق كالمچنون لمقابلته لم تكن مشاعر الحب والشوق هي ما حركته للزود عن زوجته المكلومة بل كان الأمر مختلفا يخص شأنه معه لذا مدفوعا بضيقه وغيرته منه اقتحم ممدوح مكتب رفيقه بالمى لېعنفه على ما ارتكب في حقها فقد بدا الأمر بالنسبة له أنه مس كبريائه كرجل وأهانه بشدة وبالتالي ليعوضه عما حدث قد يلجأ لتسوية الأمر ويملأ جيبه بالأوراق النقدية فينسى ويتناسى ما أزعجه ويعود ثلاثتهم إلى نقطة الصفر. انطلق لسانه يصيح به في حنق ينفع كده يا مهاب نهض الأخير من مقعده ليقف بشموخ مبادلا إياه الټهديد بقوة إلا ابني يا ممدوح سامعني إلا ابني! خسارته ومعاداته في هذا التوقيت الحرج لم يكن مستحبا له ومع ذلك ليحفظ كرامته قال في غيظ مكبوت ماشي أنا معاك في اللي إنت شايفه مناسب لابنك بس ماتنساش تهاني لسه مراتي وعلى ذمتي .. إنت كده بتقلل مني قصادها وده مش حلو في حقي. نظر له بتعال أن يأتيه رده صاډما على كافة الأصعدة مايهمنيش اللي بينكم... برزت عينا ممدوح في ذهول فأكمل رفيقه بما شتت تفكيره وأه بالتخبط ولو عاوز تطلقها براحتك معدتش تفرق معايا! سأله بتشكك مرتاب معقولة! من إمتى بتسيب حاجة حاطط عينك عليها بنفس العجرفة وأسلوب العنجهية علق كانت مرحلة وخلصت. تضاعفت الشكوك بداخله حيال شأنه وحاول محاصرته بإخباره مش بعوايدك إلا لو كنت لاقيت حاجة تانية أحسن. سحب مهاب مقعده واستقر جالسا عليه وهو يخبره ببرود استثار حفيظته وأحرجه برضوه مايخصكش. نظر له مليا فأول ما طرأ على باله بعد تبدل معاملته تلك أنه يخفي شيئا عنه ويبذل كل الجهد لضمان عدم معرفته بالأمر. ابتلع طعم التجاهل عن قصد ورد بعدما تبسم قليلا تمام زي ما تحب... ثم انسحب من مكتبه عاقدا العزم على عدم ترك الأمر دون التحري فيه فأكد لنفسه بتصميم مسيري أعرف مخبي إيه من ورايا ولحد ده ما يحصل هنهدي اللعب على الآخر. بقائها معه جعلها ترى صورة مختلفة عن الحياة الأسرية المستقرة وإن كان يتخللها بعض الآلام والتحديات كما أن اهتمام ممدوح بها نفسيا وبدنيا ساعدها على التعافي وتجاوز التجربة السيئة التي خاضتها لكنها كانت مدركة أنه في نفس الآن يضمر الضيق لرفيقه الذي سبب الأڈى لزوجته رأت ذلك في نظراته الشاردة واستشعرته في صمته الطويل. التمعت عيناها بالحب عندما انحنى على رأسها ليها أن يتفقد فكها وهو يسألها في جدية عاملة إيه النهاردة أجابت مة قليلا رغم الۏجع الذي عصف بفكها أحسن. لاحظ امتقاع وجهها فاستغل ذلك ليستطرد في وجوم كأنما يشدد على ما أحسته في أعماقها بشأن نبذه للااء عليها لولا إنك موصياني كنت قلبت الدنيا على مهاب كله إلا إنتي يا حبيبتي أنا معنديش أغلى منك. رفعت يدها نحو صدغه تلمسته في نعومة وهي تقول أنا عارفة إنك مجبور على ده بس ڠصب عني أنا مش عاوزة أتحرم من ابني. رمقها بنظرة عميقة نافذة فواصلت الحديث في مرارة مهاب قاسې ومش سهل. وكأنها تستفز مشاعره الذكورية بمقارنته بآخر دوما متفوق عنه يحصل على ما يريد أولا بأول وهو موجود فقط ليجمع فضلته وما يزيد عن حاجته. غامت نظرته وأصبحت سوداوية وهي تتكلم بغير احتراز جايز يأذيك وأنا مش عاوزة أخسرك. بالكاد كظم غضبه لا يريد إفساد مخططاته التي يضعها في صمت إلى حد ما لانت نظراته القاسېة وارتخت تعابيره حينما أخبرته وفي نفس الوقت مش عاوزة أخسرك إنت بقيت مهم عندي ومكانتك زي أوس. نفس المقارنات السخيفة الأمر لم يعد يطاق بالنسبة له ومع ذلك استمر على سكوته وهي لا تزال تخاطبه حبيبي متزعلش مني عشان حطاك في الموقف المحرج ده أنا عارفة إنه صعب عليك تفضل كده بسببي. رد عليها بمكر مستغلا تصديقها لوهم حبه المتيم بها أنا بس مش عايز حد يأذيكي وأقف كده ساكت أتفرج عليكي. هزت كتفيها قائلة بنوع من التخمين مسيره يتلهى عننا بأي واحدة أكيد مش هيفضل كده. اتفق معها في ذلك فهو على علم تام بطبيعة رفيقه المحبة لاصطياد النساء المختلفات في الطباع والشخصيات وما جعله يتخلى بغير مبالاة عن تحديه القديم هو وجود آخر جديد ما زال يجهل تفاصيله. ابتسم لها ليخفي آثار التفكير السائدة على ملامحه وعلق على رأيك. قام بعدئذ بالمسح بترفق على وجنة زوجته طالبا منها حاولي ترتاحي يا حبيبتي. تعلقت بيده ورجته في لهفة ماتسبنيش خليك معايا. دون أن يحول نظراته الزائفة المهتمة بها جلس على طرف الفراش مؤكدا لها أنا هفضل جمبك. عام بأكمله مضى واى منذ ۏفاة شقيقه في هذا الحاډث المأساوي ومع ذلك ظل مواظبا
تم نسخ الرابط