رحله الآثام منال سالم
المحتويات
وهو يجاور فراشها متسائلة بصوت شبه واهن معلنة بشكل غير مباشر عن عدم تها في مشاركته ذلك الأمر المصيري هتسميها إيه ظهر التردد على محياه وقال وهو يهدهد مولودته الحديثة بترفق حذر مش عارف أنا لسه مش مصدق إني شايل الملاك ده بين إيديا. وكأنها عجزت عن كتم حنقها أمام سروره المستفز فسألته في غير احتراز ما تقول لأمك عشان تيجي تكتم نفسها وتموتها وأهو بدل ما نطلعلها شهادة ميلاد نخليها ۏفاة مرة واحدة. اختفت البسمة من على قسماته وانقشعت السعادة من عينيه ليسود الع في كامل وجهه نظر ناحيتها وسألها في عتاب جلي ليه الكلام ده يا فردوس أتى ردها محموما بڠضبها المكبوت ما هي كانت عايزة تخلص عليا وعليها ... تقلب على شوك كلامها القاسې وجرحت مشاعره وهي لا تزال تضيف ومش بعيد عملت ده بموافقتك! حاول امتصاص حنقها بترديده بلاش سوء الظن أنا أقسمتلك مليون مرة إني مكونتش أعرف. من جديد تعبأ الجو بالتوتر عندما باحت فردوس بما يستعر في نفسها المكدومة اللي بينا انكسر من زمان من يوم ما غدرتوا بيا والعيلة اللي جت دي عمرها ما هتصلحه ده لو إنت مفكر كده. لو كان يقدر عوض على إعادة الزمن للوراء لما تردد للحظة ولسعى لمحو هذه اللحظات المدمرة لحياته يا ليته لم يقم بزيارة أمه! أو ي بهديتها! قاوم عبرات متأثرة تلألأت في حدقتيه ليخاطبها في ودية ربنا واحده قادر يغير اللي في القلوب وينسينا اللي حصل. أصرت على جفائه بقولها القاسې لو إنت نسيت فأنا استحالة أنسى. استعطف مشاعرها الأمومية البازغة تجدائها طب خلينا نفكر في بنتنا دلوقتي. لاذت بالصمت فاقترب منها مسافة خطوة واحدة وسألها مجددا كأنما يحاول تذكيرها بهبة الله إليهما يا ترى حابة اسمها يكون إيه بحرص شديد دفعت جسدها لتتقلب على الجانب الآخر ثم أخبرته في غير مبالاة مش فارقة سميها زي ما إنت عايز. استاء من معاملتها الجافية معه ونظر إلى رضيعته بحزن عاجز فإرضاء أمها كان عسيرا ومحيرا. تململها الرقيق بين ذراعيه جعله يتناسى في غمضة عين همومه الثقيلة تجول بها بعيدا عن فراش والدتها الحانقة ليخاطبها في همس متشوق أيوه لاقيتها ... التمعت عيناه بهذا البريق الحماسي وقد طاف بخلده اسما متفردا ظن أنه لائق بها وتستحقه. رفع رضيعته للأعلى قليلا ثم انحنى بفمه المبتسم على جبينها ليطبع ة صغيرة عليه أن يهمس عند أذنها في صوت عذب أشبه بالسحر أنا هسميكي تقى!!! يتبع الفصل الحادي والثلاثون الفصل الحادي والثلاثون لا تعبث مع غريمك لم تدخر وسعها في إبداء مظاهر فرحتها بمولودة جارتها العزيزة وتولت بنفسها مهمة إعداد مشروب المغات الساخن لتوزعه على الجيران وأهالي المنطقة احتفاء بمرور أسبوع على ميلاد الصغيرة تقى. أحضرت إجلال الأوعية الفخارية التي تحتفظ بها والدتها وملأتها بالمزيد لتقوم برصها بحرص في صينية واسعة وأعطتها لأخرى وهي توصيها شوفي مين ماخدش وقوليلي عاوزة الحتة كلها تفرح. حملته الجارة في حرص واضح وهي ترد من عينيا. نظرت فردوس لرفيقتها بامتنان وقالت بتحرج والله ما كان ليه لازمة ده كله. ردت عليها مة ما تقوليش كده يا دوسة إنتي مش متخيلة أنا فرحانة بيها إزاي والله ولا كأنها بنتي. زمت تيها في شيء من الع أن تخبرها خسارة المصاريف والتكاليف هو إنتي ناقصة! عاتبتها بنظرتها أولا لتعلق عليها بعدها والله أزعل منك ... ما لبث أن عادت لابتسامتها اللطيفة وهي تكمل جملتها ما تشليش هم حاجة وبعدين سبيني على راحتي أنا عاوزة أفرح الناس كلها وزي ما بيقولوا الخير على قدوم الواردين. مجددا شكرتها فردوس بلا ابتسام وهي تسلط نظرة فاترة إلى رضيعتها ربنا يخليكي ليا. السعادة التي شعر بها منذ اللحظة الأولى التي حملها فيها بين ذراعيه كانت لا توصف ولا تقارن بأي فرحة أخرى مرت عليه طوال سنوات عمره كان كمن وهب سعادة أبدية. ولج عوض إلى المسجد وباشر عمله وهو في قمة نشاطه وسعادته انهالت عليه المباركات والتهنئات من كل من يعرف ومن لا يعرف التقى بإمام المسجد الشيخ عبد الستار فاستطرد في وقار ممزوج ببسمة هادئة مبروك يا عم عوض تتربى في عزك. احتضنه الأخير في سرور وهو يرد عليه الله يبارك فيك. ربت الشيخ على ظهره مرددا بنفس الصوت الهادئ والملامح المبتسمة جعلها المولى مباركة عليك يا عوض. عقب عليه مبتهجا الله يكرمك يا شيخنا. خفض عوض من ناظريه عندما وجده يمد يده بمظروف أصفر مطوي ناحيته وهو يخبره اتفضل. سأله مندهشا والحيرة تسيطر أيضا على نظراته إيه ده احتفظ الشيخ بملامحه المسترخية وهو يجيبه نقوط المولودة. في قدر من الحرج اعترض عليه رافعا المظروف تجاهه ليه بس يا شيخنا مالوش لازمة ده كتير وآ... قاطعه بإصرار وهو يشدد على قبضة يده المضمومة ده رزق ربنا ليها خده وماتكسفش. لم يجد بدا من مواصلة رفضه أمام إلحاحه الكريم وقال ممتنا الله يباركلنا في عمرك يا شيخنا. أضاف عليه الشيخ بتضرع ويجعلها نعم السند ليك في الدنيا وسبب دخولك الجنة في الآخرة. في التو أمن على دعائه يا رب أمين. دس عوض المظروف داخل جيبه وتابع أداء عمله كما هو دأبه وهو لا يكف عن الدعاء بالشكر للمولى عز وجل راجيا منه أن يرزقه المقدرة والعون على تربية رضيعته التربية الصحيحة. في الفترة التي رحل فيها عن المنزل كانت والدته الأقرب إليه عن أي وقت مضى حيث كانت تلازمه ليل نهار وفي كل نشاط يقوم به تشاركه لهوه واستذكاره وفسحته وحتى تناوله للطعام وكأنها تعوض عن شوقها إليه بالانخراط أكثر معه في كل تفصيلة دقيقة تخص حياته ولم يمانع ذلك مطلقا أصبحت هذه الأيام هي الأكثر سعادة بالنسبة له آنئذ شعر بمدى عمق الارتباط الوثيق بينهما بدا وقتها وكأنه استعادها بعدما سلبها غيره كم تمنى أن تدوم هذه اللحظات اينة للأبد وألا يوجد من ينزع أو يفسد هذه الصلة القائمة لأي سبب كان! أنهى أوس مسألته الحسابية وأعطاها لوالدته لتراجع طريقة حله ظل يتأملها بعينين حانيتين أن يخبرها في نزق أنا بحبك أوي يا ماما. ابتسمت لاعترافه المتكرر دوما على مسامعها انحنت عليه وضمته إلى ها في عاطفة أمومية جياشة رمقته بنظرتها الدافئة قائلة وأنا أكتر يا أوس... ثم أشارت إلى بطنها الذي برز بشكل واضح متابعة كلامها وبكرة لما يبقى عندك أخ أو أخت عايزاك تحبه زيي. سألها في ع طفولي إنتي هتحبيه أكتر مني ردت نافية وهي تهز رأسها لأ إنتو الاتنين زي بعض في نفس الحب والغلاوة... ثم وضعت بسمة رقيقة على وجهها وهي توصيه وبعدين إنت هتبقى الكبير ومسئول عنه يعني هيسمع كلامك ويعمل اللي إنت عاوزه. وكأنه استساغ الأمر فصمت مليا ليستغرق في التفكير أن يتساءل بقدر من الحيرة والنونو ده هيعيش معايا عند بابا في التو نفت وقد غامت تعبيراتها لأ طبعا... استغرب لهذا التجهم المريب الذي كسا تعبيراتها فحاولت تهاني التبرير له باختلاق كڈبة لحظية حبيبي أنا مش عايزاك تنسى اللي اتفقنا عليه ماتجيبش سيرة لباباك إني حامل دي مفاجأة خلاص حرك رأسه إيجابا وهو يرد طيب. مسدت على رأسها مة أن تواصل مراجعة الجزئية التالية في واجبه الدراسي وداخلها لا يزال يلتاع لغياب من امتلك قلبها وارتحل عنها بلا محاولة واحدة للاتصال أو التواصل معها. كأفعى تفح وتلدغ سمها الفتاك في أحدهم أخبر بدري والدة عوض بالمستجد من الأحداث بعدما زارها في بيتها ببلدتها القاصية. تضرج وجهها بحمرة الڠضب واشتعلت نظراتها وهي لا تكاد تصدق أن تلك المشؤومة نجت بل وأتت بة منها لهذه الحياة ظلت تردد في استنكار جلي ولدت طب إزاي! بتلقائية وبفم ملتو أجابها مشيئة ربنا. سألته في نوع من الفضول وداخلها ما زال مست وجابت إيه على كده بنفس الملامح المتجهمة أخبرها بت. علقت في ازدراء حاقد يا مجاب الغراب لأمه! تأهب بدري للذهاب فنهض من مقعده مرددا أنا جيت أعرفك يا خالة بده بدل ما تسمعي من الغريب! قامت بدورها لتصحبه لباب المنزل هاتفة في وجوم أشد وهيفيد بإيه لا عمره عوض هيرجع ولا أنا هرضى بيها! أوصلته إلى عتبته متابعة شكواها الحانقة كانت وش نحس من يوم ما دخلت حياتنا أنا عارفة ربنا مخدهاش ليه وريحنا منها. نجح في مسعاه وملأ نفسها بالشرور ناحية زوجة ابنها وكأنه بذلك يقتص لما أ كرامته من إهانة وتحقير فرغم مضي السنوات إلا أنه لا يزال يكن في نفسه ذلك الش البغيض تجاه كل من له صلة ب تهاني وضع على وجهه قناع الوداعة ليقول في براءة خبيثة عاوزة حاجة تانية مني يا خالة ردت عليه بما يشبه التوصية تعيش ولو عرفت حاجة تانية بلغني يا بدري أو اتصل على الرقم اللي معاك. ألصق به ابتسامته اللئيمة أن يرد أكيد يا خالة سلام عليكم. اقتضب في الرد عليه بعدما انصرف وعليكم... أغلقت الباب من ورائه وصفقت بيديها أن ترفعهما للأعلى صائحة فيما يشبه الدعاء إلهي يجيني خبرك يا فردوس يا بنت عقيلة! قفز قلبها بين ضلوعها ورقص طربا كما غمرتها موجات متدفقة من السعادة عندما نما إلى مسامعها عودة زوجها من بعد سفر طويل وغياب موجع ظنت خلال مدة بعاده أنه هجرها بعدما نجح مهاب في التأثير عليه وجعله يفارقها جبرا. هرولت تهاني بين الأروقة في خطوات أقرب للركض لا تتناسب مع انتفاخ بطنها وآلام الحمل المسيطرة عليها اتجهت في الحال إلى مكتبه نادته أن تفتح الباب وټقتحم غرفته دون استئذان ممدوح! في تعابير شبه ذاهلة حملق ناحيتها زوجها وكأنه لا يستوعب ما يراه شلت المفاجأة تفكيره وتخشب في موضعه بلا أدنى ردة فعل ارتمت دون مقدمات في أحضانه منحته ضمة عبرت عن شوقها واشتياقها اختنق صوتها وهي تكلمه في صوت مهموس حبيبي... ظلت باقية في أحضانه وصوتها شبه الباكي يردد أنا مش مصدقة إنك موجود هنا. لم يبد بمثل شغفها وتلهفها كان فاترا في لقائه بها لم تشعر بذراعيه يطوقاها بل كان جامدا كالصخر مصډوما في حالة من الدهشة والتعجب تراجعت عنه لتنظر إليه ملء عينيها ويداها تنخفضان لتمسك براحتيه بكت دموع الفرحة وهي تخاطبه بأنفاس منفعلة حمد لله على السلامة. وضعت يديه على بطنها المتكور وهي تسأله في
متابعة القراءة