رحله الآثام منال سالم
المحتويات
التي كانت عليها وهي بصحبة ذلك الجراح كان لطيفا معها للغاية ودودا لدرجة أبهرتها وجعلتها تتمنى أن تكون وثيقة الصلة به لكن نغص عليها صفو لحظاتها المميزة النظرات الغريبة المتبادلة مع رفيقه ورغم ذلك لن تنكر أنها انجذبت إلى أسلوبه المثير في تحفيز من حوله احتارت وتحيرت وتخربطت أفكارها فلم تجهد عقلها بالمزيد من التفكير التحليلي واكتفت بالاستمتاع بما عاشته كأميرة مدللة لهذا اليوم عادت إلى سريرها تتبختر في مشيتها وهي تدندن بخفوت وآمالها العظيمة قد طارت محلقة في الأفق البعيد بكرة يا دنيا نلف الدنيا !! الفصل الخامس مكر الثعالب تراصت المقاعد الخشبية المستأجرة بمحاذاة الحيز الشاغر في صالة المنزل بعدما تم إزاحة معظم الأثاث ليكون ملائما لاستقبال الضيوف في هذه الليلة المميزة. كما تولى أحدهم تعليق الزينات والأنوار البراقة وأضاف آخر حاملا من الورد وضعه بين الأريكتين المخصصتين لجلوس العروسين في منتصف الحضور. أت عقيلة على غالبية من تطوع للمساعدة في إنجاز ما ينقص وتولت بنفسها تجهيز قوالب الحلوى وتحضير الشربات والعصائر الطازجة في حين قامت شقيقتها أفكار بتقطيع الفواكه وحشو الشطائر ب الجبن واللحم لتوزيعها على المدعوين بينما جلست فردوس بداخل الغرفة لتقوم جارتها إجلال بمعاونتها في تزيين وجهها بمساحيق التجميل. توافد المدعوون بعد صلاة العشاء تباعا وقامت إحداهن برفع صوت المذياع على أغاني الأفراح الطربية مع إطلاقها لعدة زغاريد مبتهجة كنوع من الاستعداد لاستقبال عائلة الس فقد كانت والدته في المقدمة واضعة ابتسامة متكلفة على محياها بدت وكأنها غير راضية عن هذه الخطبة استتها عقيلة بترحيب حار وأجلستها على الأريكة المجاورة للعروسين ثم صافحت الس وشقيقه الأكبر وأشارت لإحدى الفتيات بإبلاغ العروس بوصول خطيبها. تعالت أصوات الزغاريد الفرحة المصحوبة ببعض التصفيقات ليتزاحم الحضور بعد بضعة دقائق انتظارا لخروج العروس من الداخل. تحرك يق من مكانه ليجلس مجاورا للس مال عليه وهمس له بشيء من الغل ملاقتش إلا دي يا بدري ضغط على تيه للحظة ثم أخبره بعد زفرة سريعة على أد ظروفي. خاطبه پحقد يملأ ه يا ابني إنت تستاهل أحسن من كده دي أختها صعب وعملت فيا اللي ما اتعمل وفي الآخر طردتنا. بناء على تعامله الشخصي معها وحديث خالتها أفكار عن طبيعتها المسالمة كان مدركا إلى حد كبير للفارق بين كلتيهما لذا رد مدافعا عنها فردوس غيرها. أصر على رأيه هاتفا بتصميم الډم واحد اسمع مني... لم يبد بدري مقتنعا بما يفوه فلجأ إلى إخباره بنوع من الذم ده غير إن شكلها مش أد كده في ألف واحدة أحلى منها بكتير. ظل مطرقا رأسه وهو يرد أهوو النصيب. انتقل الشقيق الأكبر من موضعه ليجلس في الجهة المقابلة لشقيقه وتساءل ما بتكلموا عن مين كده حذره يق بقدر من التهكم أخوك اللي عملنا فيها شيخ هيوعظنا دلوقت. تكلم عوض الله منتقدا وصفه المسيء إليه هو عشان بقول كلمة الحق أبقى وحش طالعه يق بنظرات ناقمة أن يعلق عليه بتحيز يا سيدي بدل ما تركز معانا شوفلك شغلانة عدلة تاكل منها عيش بدل لفك اللي على الفاضي. للحظة سكت عوض الله متحفظا على كلامه فقد ارتضى بالعمل نهارا في وظيفة بسيطة كساع بين المكاتب بالمنطقة الأزهرية بالإضافة لقيامه بإنهاء الناقص من الأوراق الرسمية لمن يعجز عن إنجازها في مقابل زهيد أما ليلا فكان يلازم المقرئين خلال إحيائهم الليالي الدينية إما في مناسبات عامة أو في سرادقات العزاء ليختتم يومه بالذهاب إلى المسجد لسؤال إمامه عما ينقص من أعمال ليؤديها هو برضا وحبور. لما طال صمته ظن يق أنه أ هدفه فتمادى في التقليل من شأنه ليرد عليه أخيرا بتريث أنا بخدم عباد الله وطالما ربنا سخرني أقضي مصالح الناس ليه أتبطر على النعمة. سخر منه بلمحة هازئة يعني إنت عاوز تقنعني إن اللي إنت بتعمله ده بالكام مليم دول اسمه شغل رد مبتسما وهو يرفع كفيه للسماء فضل ونعمة من ربنا. سأله بتطفل شبه سمج طب ما سبقتش أخوك الصغير واتجوزت ليه!! سادت في ملامحه لمحات من التوتر فهو لم يستطع الإقدام على هذه الخطوة حتى الآن لضيق ذات اليد ولإنفاقه كامل ما يجنيه على علاج والدته المكلف دون أن يكلف شقيقه الذي يصغره بستة أعوام عناء هذه الأمور فاكتفى بتحمل الأعباء وحده ودون شكوى. نظر إليه وقال بعد تنهيدة خاڤتة لسه ربنا مأذنش. تدخل بدري متحدثا كنوع من التلطيف وهو يربت على ذراع شقيقه سيبك منه يا عوض بكرة ربنا يرزقك ببنت الحلال اللي تستاهلك. ثم الټفت ناظرا إلى يق ووبخه إنت جاي تتطلع عقدك علينا يا جدع إنت دمدم في حنق لم يخبت نهائيا يا عم أنا معبي وشايل من العيلة دي ولولا معزتك عندي قسما بالله ما كنت عتبت البيت ده!! قاطع ثرثرتهما حضور عقيلة وهي تحمل في يدها صينية نحاسية اللون مملوءة بكؤوس متشابهة الشكل انحنت قليلا تجاه بدري وقالت بودية حانية اتفضل يا س الشربات. التقط الكأس الزجاجي وهتف مجاملا كتر خيرك يا حماتي من يد ما نعدمها. نهض عوض قائما وأصر على أخذ الصينية منها بتهذيب عنك إنتي يا حاجة مايصحش تلفي واحنا موجودين. تحرجت من ذوقه الواضح وناولته إياها وهي تخبره تسلم وتعيش يا ابني. هز رأسه مبتسما وسار بين المدعوين يوزع الكؤوس المملوءة بهذا السائل الأحمر وهو يتلقى عبارات التهنئة والمباركة منهم. قفزت من على مقعد المرآة لأكثر من مرة لتنظر إلى وجهها الذي صار أكثر نعومة وجاذبية بعدما تم إضفاء مساحيق التجميل عليه لح شبه مستعدة للخروج ومقابلة خطيبها وعائلته. لم ت فردوس في الإفراط في وضع أحمر الاه واكتفت بما زين بشرتها لتقوم بقرص خديها لإعطائهما المزيد من الحمرة الدافئة. تأملت انعكاسها وتساءلت بتهلف إيه رأيك أصدقتها إجلال القول زي القمر ياختي... ثم تها من أعلى رأسها وتابعت مبروك يا دوسة وربنا يتمملك على خير. شكرتها بامتنان ووجهها يزداد إشراقة بابتسامتها المتسعة تسلمي يا إجلال عقبال ليلتك يا حبيبتي. استحثها على التعجيل قائلة بمرح مش معقول هنسيب الس يستنى. هزت رأسها تؤيدها ونهضت واقفة لتشد طرفي ثوبها لينساب على ها بأريحية شهقت فجأة مصډومة حينما انحنت عليها إجلال لتقرصها من ركبتيها فسألتها مدهوشة وهي ترمقها بهذه النظرة بتعملي إيه أجابتها ضاحكة ببشاشة جايز أحصلك في جمعتك. حملقت فيها بمحبة وهي ترد يا رب يا حبيبتي نبقى في ليلة واحدة. احتضنتها إجلال في سعادة لتتراجع بعدها عنها لتفسح لها المجال لتمر وتتجه إلى باب الغرفة. تفشى الاضطراب في وجدان فردوس وراحت تردد بلا صوت في توجس طفيف يا رب اجعل في وشي القبول. ما إن أطلت العروس بهيئتها البهية حتى اتجهت كافة الأنظار إليها لتنطلق بعدها الزغاريد والأصوات المهللة كتعبير عن فرحة الحاضرين بقدومها. مرقت فردوس بين جموع المهنئين بخجل وارتباك اختطفت نظرات سريعة نحو خطيبها الذي نهض وا ليستها فرأته بقامته الطويلة وملامحه التي تنضح بالرجولة لحظتها شعرت وكأنها لا ترى سواه ابتسمت له في دلال مطعم بالحياء وأخفضت رأسها خجلا حين جلست مجاورة إياه. تسارعت دقات قلبها في تلهف فرح ثم شبكت يديها معا ووضعتهما في حجرها محاولة التغلب على ارتباكها الظاهر للجميع نظرت إلى جانبها حين خاطبتها والدتها وهي ټحتضنها بنظراتها الحانية زي القمر ياخواتي. ابتسمت على استحياء بينما أطلقت خالتها زغرودة عالية أتبعها قولها المهلل النبي حارسك وصاينك. قامت والدة الس بتمرير علبة الشبكة على الحاضرين ليتأملوا ما ابتاعه ابنها لعروسه فقد اشترى لها سوارا من الذهب عيار 21 خاتما ودبلة. استحسنوا حسن اختيارهما فتكلمت والدة بدري طالبة منه بعد أن فرغ الجميع من رؤية العلبة قوم يا س لبس عروستك شبكتها. استقام وا وتناول من العلبة ة بعد أخرى ليضعها في يد عروسه ومن خلفه تصدح الأصوات المبتهجة صاحت أفكار في الحضور من النساء بعد أن وضعت فردوس الدبلة في يد خطيبها ما تزعرطوا يا حبايب خلوا الفرحة تعم. تقدم بعدئذ عوض لتهنئة شقيقه واكتفى بالابتسام المهذب ل فردوس أن يعود ليجلس بجوار يق وجده على حالته الناقمة فمازحه قائلا اشرب شرباتك يا يق ده حتى الليلة مفترجة. نظر له شزرا وهب وا ليرد بوجوم أنا قايم. ثم برطم بعبارات غير مفهومة تعبر عن سخطه مغادرته المنزل عوض كفه بالآخر متمتما بصوت خاڤت للغاية ربنا يهديك لحالك. عاد ليتابع ما يدور بالخطبة وهو يدعو الله في سريرته أن تنتهي الليلة على خير بل ويتم ذلك الأمر دون عقبات لينعم شقيقه بالهناء والسعادة مع زوجة طيبة يستحقها تكون له في النهاية نعم السكنى. بهدوء حذر سحب من أسفل يده الورقة بعد أن زيلها بتوقيعه ليطالع بتركيز دقيق ما كتب على الورقة الأخرى ظل فؤاد على هذه الوضعية الساكنة لعدة دقائق ريثما فرغ من مراجعة الملف بأكمله دون أن ينبس بكلمة أعطاه لابنه الواقف خلفه ثم نظر إليه من طرف عينه متسائلا مافيش أخبار عن مهاب أجاب بهزة رأسه لأ. سأله مستفهما وهو يطوي نظارته الطبية بعد أن نزعها من على أنفه إنت بتكلمه تنحنح أن يجيبه لما بسأل عليه بيقولولي إنه يا في عمليات يا إما بيحضر مؤتمر. بدت علامات الضيق جلية على قسماته لوى ه معبرا عن انزعاجه أنا مش فاهم هيفضل مقضيها سفر وغربة لحد إمتى!! تجرأ سامي ليقول بتأدب ماكر لو تسمح لي أقترح حاجة يا بابا. أعطاه الأذن ليتكلم بأمره المقتضب قول. عبث برابطة ه وأخبره إيه رأيك نجوزه ده هيخليه يستقر وآ... لم يستسغ ما فاه به فقاطعه بازدراء مش كنت فلحت إنت الأول!! استاء من الاستخفاف به وتحقير مطلبه فرد بشيء من الھجوم ما حضرتك رفضت البنت اللي كنت عاوزها. صاح به بصرامة جعلته ينتفض ودي أشكال تجيبهالي!! ثم طرق بيده على سطح مكتبه يسأله في نبرة مليئة بالاتهام إيه أصلها وفصلها لاذ بالصمت عاجزا عن تبرير اختياره فوالده من هذا النوع المتعنت من البشر الذي لا يمنحك الفرصة للاختيار هو ينتقي الأفضل فقط ولا بديل عنه ليكون مجاورا له كما أنه لا يؤمن بالمشاعر أو بما يعرف بميل القلب وهواه. مرة ثانية انتفض سامي مذا ووالده ما زال يوبخه بصوته الخشن المرتفع وهو يطرق بيده على المكتب واحدة اتعرفت عليها في حفلة خلاص بقت مناسبة... رفع
متابعة القراءة