رحله الآثام منال سالم
المحتويات
الكلام ده أنا أعي مش مستحملة. ضحك الاثنان منها فوزعت نظراتها بينهما وقالت كأنما تشعر بوجود ابنها وإن لم تكن تراه فعليا وأرجوكم مافيش داعي أوس يعرف بده هو صغير ومش هيستوعب حاجة. استهزأ بها مهاب فقال في غير مبالاة اهدي يا عروسة مكبرة الموضوع ليه ما يعرف عادي. شاركه ممدوح في نوبة الاستهزاء بها وأضاف هو الآخر بأسلوب مال للسخرية الوقحة بالظبط أنا هبقى في مقام أبوه وقايم بدوره كمان. تلميحه الأخير كان فجا في طياته لذا حذرته تهاني بنبرة شبه حادة دكتور ممدوح! عاتبها بطريقته الملتوية في إشعارها بالذنب دكتور ده أنا بقيت جوزك ينفع كده الرسمية دي بينا علق مهاب ببرود مغيظ وكأن ما يحدث لا يهمه من الأساس سيبها مفكرة نفسها بكر لسه وبتتكسف! تجرأ الصغير أوس على معاودة النظر إليهم فكان أول من تسلطت عليه نظرته هو والده المتكلم في شيء من الاستمتاع طب ما إنت عارف اللي كان بيتعمل فيها وبالتفاصيل! كلمات أخرى تحمل في مضمونها ما لا يريح حاول أوس تجاوز ما يسمعه ولا يفهمه لينظر إلى والدته المتسائلة في قدر من الانفعال بعدما هبت واقفة إنت بتتريق! وقف مهاب قبالتها وبدا في ملامحه وطريقته الټهديد الصريح وهو يخاطبها إيه مش عاجبك! نهض ممدوح في التو وحال بينهما بجسده مشكلا حاجزا قويا ثم خاطب رفيقه في هدوء مهاب بالراحة! ثم حول الأمر إلى مزحة سمجة بتعقيبه الموحي وهو يغمز بعينه مش عاوز ليلتي تبوظ معاها. ربت على كتفه مرددا بابتسام ماشي يا وحش! هسيبكم سوا وألحق ميعاد طيارتي. عقب عليه بتلميح مفهوم ما تطولش عشان أردلك الأمانة! أوجز في رده الغامض أكيد! لم يعد هناك ما يقال لذا متسترا بالعتمة المنتشرة من حوله انسحب أوس من المكان بعدما علم بما لم يجب عليه معرفته لكن إحساسه الداخلي أكد له أن وجود هذا الشخص البغيض كأمر واقع ومفروض عليه في حياته لن يكون بشيء طيب على الإطلاق !! يتبع الفصل الرابع والعشرون الفصل الرابع والعشرون حيل لا تنضب صوت احتكاك إطار السيارات والمصحوب بصوت تشغيل المحرك أكد له أن والده قد غادر بالفعل م المنزل في هذه الساعة المتأخرة تاركا خلفه رفيقه المتطفل ووالدته الحزينة. وليتأكد من ظنه انطلق أوس تجاه النافذة أزاح طرف الستارة البيضاء ونظر بعينين ضيقتين إلى البقعة الخالية بالأسفل. تأهبت حواسه فجأة وكأن نداء الاستنفار سرى بها عندما سمع أصواتا متداخلة تقترب من غرفته. في التو اندفع ركضا تجاه فراشه ثم استلقى عليه وسحب الغطاء على جسده مدعيا استغراقه في النوم العميق. في هذه الأثناء وبهدوء شديد الحذر قامت تهاني بفتح الباب وأطلت منه دون أن تزيح يدها من على المقبض كأنما تخشى إن ف أن توقظ صغيرها بطريق الخطأ. من خلفها وقف ممدوح يسألها بشيء من المزاح الثقيل إيه يا حبيبتي إنتي هتباتي الليلادي عنده ولا إيه أجابته بصوت شبه مرتجف كما لو كانت تتحرج مما حدث كنت عاوزة أطمن عليه صعبان عليا أوي اللي بيحصل معايا ومعاه! اعترض عليها في نبرة جادة مشوبة بالحقد رغم خفوتها ما هو كويس وبخير أهوو ده ابن مهاب وأبوه زي ما إنتي عارفة مستعد يجيبله الدنيا كلها تحت رجليه. ما لبث أن تحولت نبرته للسخرية حين أكمل ده في سابع نومة مش دريان بحاجة. ثم امتدت يده لتلتف حول ها لتطوقها منه وطلب منها وهو يدنو برأسه بالقرب من أذنها ليخاطبها في همس عابث خليني أنا أبات في حضنك ما تحرمنيش من قربك ده. وقتئذ تشنجت عضلات أوس وتحفز في نومته فهذه العبارة لم تكن مريحة أو مقبولة له بالمرة تحيرت أفكاره وأه التخبط فكيف لأمه أن تسمح لهذا اللزج بلمسها والتودد إليها هناك أمر ما خاطئ يحدث وهو لا يستطيع تفسيره أو فهمه. سحبها ممدوح للخارج على مرأى ومسمع من الصغير الذي بقى متجمدا في موضع نومه يشاهد بنصف عين ما يدور تنكار جلي. سرعان ما استلت تهاني يدها من على المقبض لتلتف تجاهه وتنظر إليه باشتهاء وة تعلقت بذراعيها حول ه فدللها الأخير بإغراء أكبر ليجعلها تذوي وتذوب وتطلب المزيد. لم يكترث للحظة بمسألة ترك الباب الخاص بغرفة الصغير مواربا ولم يهتم إن استيقظ ورأى ما يفعله بأمه. رغما عنه أجبر أوس على مشاهدة توددهما الي بهذا الشكل الفج والنافر مما جعل عقله ي بشيء من الصدمة والذهول. انفلتت شهقة خجلى مصحوبة بضحكة مائعة من تهاني حينما انحنى ممدوح قليلا ناحيتها ليحملها على كتفه ركلت بساقيها في الهواء بخفة وسألته في غنج خجل إنت بتعمل إيه نزلني! أخبرها وهو يهم بالسير بها بعيدا كان نفسي أعمل كدده من زمان. هتفت في التو وكأنها انتبهت لمدى التجاوز الدائر أمام غرفة صغيرها طب استنى أقفل الباب لأحسن أوس يصحى أو يشوفنا. ضحك في تسلية وبصوت شبه مرتفع ليقول بعدها بغير مبالاة وماله خليه يتعلم إزاي يدلع حبيبته ويبسطها! لحظتها انقبض قلب الصغير بشكل مفزع وبدا رافضا لهذا التجاذب غير المستساغ بينهما ظل عقله يمتلئ بعشرات الأسئلة دون أن يجد لها أي إجابة مقنعة أين والده من ذلك لماذا رحل ليلا وترك أمه مع غيره يفعل بها مثلما اعتاد أن يفعل حينما يختليا معا أليس من المفترض أن ينصرف رفيقه ذهابه أخذ يفكر ويعتصر رأسه محاولا استيعاب الخلل الحاډث في هذه الة المريبة! وقتما انفرد بها في غرفة نومها راودها هذا الإحساس الغريب والمقلق بأن مهاب رغم غيابه يراقبهما للحظة شعرت وكأنه سيداهم المنزل ليمسكها بالجرم المد فيحيل حياتها إلى چحيم بشكل قاس. استنكر هذه الرهبة الغريبة منها وسألها في ع مالك مدفوعة بتوترها الحرج ردت وهي تتراجع عنه حاسة إني مش مرتاحة في حاجة غلط. تفرس فيها معلقا بجدية جوازنا شرعي يا تهاني!! ازدردت ريقها وأوضحت له مخاوفها أيوه عارفة ده بس مهاب مش سهل يسيب حاجة معتبرها ملكيته الخاصة. صحح لها في إصرار بس إنتي مابقتيش خلاص بتاعته! وهو لا يزال يتابع إنتي من النهاردة ليا لواحدي. بالتدريج استكانت رهبتها مع مداعبته اللطيفة أغمضت عينيها مستمتعة بإحساس الأمان الذي راح يبثه لها فواصل ممدوح على نفس المنوال وأنا عارف إزاي أنسيكي كل حاجة... توقف لهنيهة عن الكلام أن يتم جملته ضاغطا على كل حرف فيها ببطء وخصوصا مهاب! بعدئذ شرع في البدء في وصلة متمرسة من الملاطفات والمغازلات المحفزة والودية ليجعلها تضحك وتتفاعل معه ثم استخدم أسلوبه الاحترافي لتتجاوب مع ما يمنحه لها من تشويق ومتعة ناداها هامسا بحروف اسمها في تناغم مثير فذابت أكثرر واتقدت مواطن المشاعر بها. كانت بين يديه كمن يغفو من ة الخمر الممزوج بعواصف الهوى. في قربه منها لاحظت تهاني أن طريقة ممدوح معها مغايرة تماما لما عايشته مع مهاب فالأخير مال أسلوبه للإهانة والإذلال بينما الأول لجأ للتدليل كلاهما كانا على النقيض في تعاملهما معها لتشعر بالفارق الكبير بينهما حتى في الأمور الحسية والات الجسدية. تعمد ممدوح استخدام هذه الوسائل الناعمة ليجعلها طوع بنانه طامعة دوما فيما يقدمه لها فإن حانت لحظة الانفصال بينهما ظهرت نتائج ذلك برفضها كليا العودة إلى زوجها السابق فيحقق بذلك انتصارا جديدا عليه بإفساد تهما نهائيا! على الفراش الدافئ وتحت الأغطية الحريرية الناعمة استلقت بجواره وعيناها متعلقتان بأعهما المتشابكة معا كما لو أنها تحاول بشتى السبل المتاحة حفر هذه الذكرى المميزة بتفاصيلها الممتعة في ذاكرتها للأبد كانت في حالة انسجام غير طبيعية معه لم تصدق أنها أسلمت له نفسها بهذه السلاسة وكأنها متحرقة شوقا لاقترابه ولم يبخل عليها بما يجيده لتتذوق معه معاني الاختلاف والتفرد. رفعت تهاني عينيها الناعستين لتنظر إليه واستطردت متحدثة في صوت خاڤت يحمل قدرا من التوجس خاېفة أكون بحلم. وهو يخاطبها بلطافة زائدة أوعي تخافي وأنا جمبك. رمشت بعينيها متابعة في خوف متأصل بداخلها بس مهاب... اغتاظ من اقټحام رفيقه حتى لأشد لحظاتها خصوصية فعاتبها في رقة رغم انقلاب ملامحه ينفع تفكري في حد تاني وإنتي في حضڼ جوزك في التو اعتذرت منه لرعونة لسانها مبررة موقفها أنا أسفة مقصدش بس إنت عارف الوضع معاه كان عامل إزاي ومش سهل عليا أنسى اللي شوفته. استشعر التوتر في صوتها فهون عليها الأمر بقوله المقتضب لكنه عنى لها الكثير عارف وفاهم! عمد إلى تغيير مجرى الحديث إلى شيء آخر ممتع فسألها مقترحا تحبي ي بكرة فين تنهدت بعمق وأجابته بغير اهتمام مش جاي في بالي حاجة ده غير إن ماينفعش أسيب أوس لواحده وآ... قاطعها بوجه مال للع هو معاه المربية بتاعته ... كادت تعترض عليه لكنه أسكتها بإصراره اعتبري نفسك في تكليف طبي عاجل! ثم أحنى رأسها على تيها يها منهما بة عاشقة لم تعهد مثلها طوال سنوات زواجها أن يتوقف ليهمس لها أنا عاوز أعيشك في الجنة معايا. أنهى جملته بالشروع في تجديد طقوس العشق معها لتتناسى تماما ما كان يؤرقها مضطجعها لحظات. منذ أن تزوجت به رسميا وهي تحاول جاهدة بكل طاقاتها أن تجعل حياتها الأسرية مستقرة رغم كل المعوقات والعقبات التي واجهتها. صمدت وكافحت وكابدت العناء لئلا تهدم ما سعت لبنائه وإن كان عدم الانجذاب قائما بينها وبين زوجها. كان الأخير يؤدي ما عليه من واجبات بشكل روتيني ثابت وهي تلتزم بما فرض عليها دون شكوى أو كلل لكن هذه المرة فاق الأمر قدرتها على الاحتمال أو السكوت لم تطق فردوس الذهاب أو المشاركة في مراسم ال والعزاء الخاصة بشقيق زوجها وكيف لها أن تفعل وقد راح ي بافتراء مجحف عليها لمجرد أن والدته لا ترتضي بها زوجة لأي من أبنائها واستها إجلال في مها وسعت لتخفيف وطأة قساوة هذا الأمر عليها بترديدها هوني على نفسك يا حبيبتي بلاش تقهريها أكتر من كده! ردت عليها بصوتها الباكي المبحوح ودموعها تسال بغزارة هو اللي أنا فيه قليل يرضي مين بس اللي بيحصلي ده! أخبرتها بيقين ربنا موجود وبيخلص! ثم سكتت للحظة أن تفصح لها عن هاجسها المحير بس أنا خاېفة الناس تفهم غيابك غلط ويفسروه بحاجات تانية ما إنتي فاهمة اللي مايعرفش يقول عدس. صاحت في حړقة والألم يعتصر قلبها محدش ليه حاجة عندي أنا اللي موجوعة أنا اللي اتظلمت. أمسكت بعدئذ فردوس بمنديلها القماشي
متابعة القراءة