رحله الآثام منال سالم
المحتويات
الكتابة تاركا لها كل الوقت لتملي عينيها منه مستمتعا بأول خطواته نحو مطاردة طريدة جديدة سهل الإيقاع بها في حبال آسره. وقف قبالتها وخاطبها وهو ينظر من في عينيها مباشرة وبطريقة ساحرة شعرت بها تتخللها وتنفذ إليها بسهولة وتزيد من حالة الاضطراب بها حمدلله على سلامتك. لم تستطع مجاراته في النظر إليه وقالت متحاشية تحديقه الذي طال بها شكرا ليك يا د. مهاب تعبتك معايا ده غير إني عطلتك وآ... قاطعها هاتفا وهو يدس يده في جيب معطفه الطبي ده واجبي أكون جمب المړيض في أي وقت. اكتفت بمنحه ابتسامة صغيرة ناعمة بعد أن تشجعت لتنظر إليه فاستغل الفرصة وسألها بمكر بس إزاي إنتي شغالة هنا ومصادفش إني أشوفك ولا مرة لم يكن سؤاله مجرد فضول عابر سيمضي بعد ذهابها في التو بل بدا اهتماما صريحا بشأنها لا لبس فيه ظلت أنظاره باقية عليها وهو يسألها يعني تخصصك إيه ابتلعت ريقها وأجابته بصوت كان أقرب للهمس أنا مش خريجة طب بشړي. نظر لها صامتا فتابعت موضحة أنا اتخرجت من علوم وجاية هنا تبع البعثة المصرية تقدر حضرتك تقول دراسة وتدريب. مط فمه في إعجاب أن يتكلم برافو هما هنا مش بياخدوا غير الأكفأ. أحست بتناقص توترها مع أسلوبه السلس المرن في التحاور معها ناهيك عن مزجه بشيء من الودية والغزل المستتر مما استحث مشاعر الأنثى القابعة بداخلها لتنفض الغبار عنها وتتيقظ خاصة حين استأنف في وداعة وأنا حظي حلو إني شوفت طالبة نجيبة زيك. قالت وهي ترفرف بأهداب جفنيها شكرا على ذوق حضرتك. اشتم رائحة شوقها لسماع ما يزيد من شها بالإطراء فصار على النفس النهج قائلا دي مش مجاملة المستى هنا مابيش يشغل فيه إلا المهرة وبس. بقيت محدقة في وجهه وهو لا يزال يخاطبها وأظنها فرصة حلوة ليكي عشان تثبتي نفسك. علقت بتلقائية أنا بعمل اللي عليا. انتفضت بجسدها كليا حين مد ذراعه فجأة نحوها ليزيح بيده هذه الشعرة الملتصقة بجبينها هامسا كده أحلى. توترت وارتكبت وتملكها القلق رفعت يدها المرتعشة لتسوي مقدمة رأسها وسألته هو مسموح إني أخرج أجاب في الحال أيوه. هزت رأسها بخفة ثم أزاحت الغطاء الأبيض عنها لتخفض ساقيها باحثة عن حذائها لترتديه كم شعرت بالخجل حين رأت كيف يبدو مظهره في قدميها وضيعا ا لا يليق بها! بلعت غصة مريرة في حلقها والتفتت للجانب عندما سألها مهاب مهتما قوليلي في حد موجود يوصلك نهضت واقفة وهي تجيبه أنا هشوف مواصلة ترجعني السكن. ثم تقدمت نحو الباب بعدما علقت حقيبتها على كتفها لكن مهاب في التو تحرك صوبها ليعترض طريقها ويستوقفها بجسده قائلا بصيغة شبه آمرة ويده مرفوعة قليلا في الهواء أنا هوصلك في طريقي. تمسكت برفضها قائلة لا مايصحش كفاية إني عطلت حضرتك وضيعت وقتك. أطلت من عينيه لمعة ماكرة أتبعها قوله المليء بالإصرار أنا مصمم. اعترضت بحرج بس آ... وضع هذه الابتسامة المرسومة بعناية على زاوية فمه أن يقاطعها بهدوء لكنه يضم الحزم مش ها بالرفض! انصاعت صاغرة له وأطرقت رأسها حياء رغم أنها في أعماقها كانت تبتهج سعادة لكونها كأنثى أصبحت ذات تأثير وإن كان ما زال محدودا على صنف أمثاله من الرجال. تعمدت أن تسير على مهل لتستطيل مدة مشيهما معا فتتمكن من الحديث معه أكثر وتستعلم منه عما لا تعرفه بعد. توقفت بجوار سيارته فراحت تتأملها بعينين منبهرتين فقد ابتاع الطراز الأحدث من هذا النوع شتت نظراتها عنها عندما تكلم أحدهم بصوت مرتفع ولافت من مسافة قريبة منهما لا مش ممكن الدنيا فعلا زي ما بيقولوا صغيرة. استدارت لتنظر تجاه صاحب الصوت المألوف فرأت ممدوح قبالتها يمد يده لمصافحتها وهو يسألها ما إزيك يا دكتورة تهاني توترت للحظة واختطفت نظرة سريعة تجاه مهاب أن ترد وهي تمد يدها تجاهه أهلا بحضرتك يا دكتور ممدوح. حل القليل من الوجوم المشوب بالضيق على قسمات وجه مهاب وتساءل تغراب إيه ده هو إنتو تعرفوا بعض ضحك مستمتعا أن يخبره بتلميح لئيم كان متأكدا أنه سيثير نزعته التملكية طبعا دكتورة بالرقة دي صعب تتنسى. رمشت بعينيها مرددة ببسمة مجاملة شكرا لذوقك... غام وجه مهاب وبدا وكأنه غير راض عما قيل فتوجست خيفة من إنهاء معرفته بها أن تتوطد جيدا لكونه يظن أنها على ة بغيره لذا حاولت تفسير الموقف من تلقاء نفسها بقولها الموضح هو احنا فعلا اتقابلنا صدفة في المطار لما كنت جاية على هنا. مال ممدوح ناحيتها قليلا ليضيق عينيه معقبا في عبثية غير مريحة وأنا شكلي هحب الصدف اللي دايما بتجمعنا ببعض. صراع البقاء للأقوى لاح بينهما خاصة فيما يخص تأثيرهما على الصنف الناعم فأضاف مهاب هو الآخر مبتسما ابتسامة لا معنى لها نسيت أقولك يا دكتورة تهاني ممدوح ده صاحبي من زمان عشرة عمر. تحرك الأخير من موضعه ليقف مجاورا ل مهاب ضم كتفيه بذراعه وتبسم قائلا طبعا احنا يعتبر أكتر من الإخوات ما بنفرقش بعض إلا قليل أوي وكل حاجة تقريبا بنعملها سوا. أزاح مهاب ذراعه عنه وأعاد ضبط سترته وياقة ه ليستأنف ممدوح كلامه الموجه إلى تهاني متسائلا في فضول محير بس إيه لم الشامي على المغربي يعني آخر مكان كنت أتوقع أشوفك فيه هنا. استفاضت مجيبة أنا تدريبي هنا في المستى ود. مهاب شافني تعبانة شوية فساعدني. سدد ممدوح نظرة موحية ذات بعد مفهوم لرفيقه وهو يعقب طول عمره بيحب عمل الخير وما يتأخرش عنه ... أبدا!! لا يعرف إن كان يقصد بكلماته تلك مدحا أم ذما أم سخرية مبطنة لكن مهاب تجاوز عنها ليقول في شيء من الرسمية بينا يا دكتورة عشان أوصلك ترتاحي. في التو اعترض ممدوح طريقهما ليستوقفهما قائلا بع مصطنع إيه ده هتمشي كده من غير ما نقوم معاها بواجب الضيافة إنت عاوزها تقول علينا يا مهاب بخلا تفاجأت تهاني من اقتراحه لم تكن مستعدة للذهاب بهذه الهيئة لذا حاولت الاعتذار مرددة بحرج لا مافيش داعي خالص أنا آ... رفع سبابته أمام وجهها مقاطعا إياها بإصرار رغم لطافة نبرته مش ها بالرفض ده حتى زي ما بيقولوا عندنا في مصر يبقى بينا عيش وملح. ثم خاطب مهاب مبتسما عيب نكسف ضيفتنا. نفخ في سأم وسأله هتودينا فين يا ممدوح بما إنك الخبير هنا! أجابه بعد صمت خفيف في مطعم تحفة فاتح قريب من هنا الكل بيشكر فيه إيه رأيكم نجربه مط فمه قليلا وعلق في شيء من التحدي معنديش مانع بس الحساب عندك. دون تفكير بالعرض مردفا ونظراته كلها صوب ضيفتهما وماله.. إكراما للدكتورة تهاني. انحنت تنظر بعينين متأففتين لرفوف الثلاجة الفارغة ثم مدت يدها لتمسك بعلبة بلاستيكية انتزعت غطائها واشتمت ما بداخلها فأصيبت بالاشمئزاز وانقلبت معدتها شاعرة بالغثيان استقامت ابتهال واقفة بعدما أغلقت الباب لتمشي بالعلبة تجاه سلة القمامة أفرغت محتوياتها بداخلها ثم اتجهت نحو الحوض لتغسلها وهي تحادث نفسها بعفوية عاوزين فلنا أي بقالة قريبة مننا أنا عارفة بيسموها إيه.. وضعت العلبة جانبا بعد تنظيفها وهي لا تزال تتكلم بصوت مسموع المهم نجيب منها حاجات تنفع تتاكل بدل ما الواحد بيفضل على لحم بطنه كده بالساعات. جففت كلتا يديها في جانبي البيت الذي ترتديه وقالت بإيماءة خفيفة من رأسها المفروض الحساب يكون بالنص ما أنا مش هاكل لواحدي هي أكيد هتجوع زيي. اختمرت الفكرة برأسها وتحمست لتنفيذها قائلة بتصميم لما ترجع أبقى أكلمها. سارت نحو الة نظرت من خلف الزجاج بعدما أزاحت الستارة قليلا وتساءلت في تحير بس هي اتأخرت ولا أنا اللي جوع مخليني أحس إن الوقت طويل!! كانت مأخوذة ومبهورة بكل ما يحدث معها في مباراة جذبها لاتخاذ جانب أحد الطرفين لم تنكر أنها شعرت بالا لرؤية كليهما يتباريان عليها رغم معرفتها المحدودة بهما نحت شكوكها جانبا متجاوزة عن الطريقة المراوغة والة التي يتخذاها معها والتي تحفز ش الاسترابة بداخلها إلا أنها منحت التبرير المنطقي لنفسها بأن مثلهما لا يقارنان بمن عرفت سابقا من ذوي التطلعات المحدودة والقدرات المادية المعډومة هما أكثر تباهيا وغطرسة وهذا ما أثار اهتمامها بهما. لم تكن لت بحياة الشقاء والعوز مما دعم بقوة اختيارها المستي في حصر المنافسة بينهما. عادت إلى الطاولة الجالس عليها ثلاثتهم بعد أن ضبطت هيئتها بحمام المطعم لتجدهما في انتظارها وقائمة الطعام موضوعة أمام موضع جلوسها. نهض مهاب ليسحب المقعد قليلا حتى تجلس فابتسمت لطريقته المهذبة في التعامل معها كسيدة راقية أمسكت بالقائمة بيدين ترتعشان قليلا خاصة حينما وقعت نظراتها على الأسعار شتت تركيزها اللحظي صوت ممدوح حين خاطبها اطلبي اللي عاوزاه يا دكتورة... هزت رأسها مواقفة وهي تزين وجهها ببسمة لطيفة فتابع بمكر وهو يختطف نظرة سريعة نحو مهاب كأنما يتعمد إغاظته ولو حابة نصيحتي جربي الطبق ده هيعجبك جدا. ثم أشار بإصبعه نحو أحد الأصناف فقالت وهي تغلق القائمة طالما ده رأي حضرتك فأنا واثقة فيه. كان مهاب يصغي إليهما بملامح فاترة كاا حيلة رفيقه المفهومة لاستدراجه نحو المنافسة عليها فكلاهما يتشاركان في سمة غير طيبة الإيقاع بالنساء واللعب على مشاعرهن المرهفة لجرهن نحو شباك العشق. أغلق قائمة الطعام واضعا إياها جانبا وعلق ما ممدوح في الأكل ما يتوصاش عارف إيه الصنف المناسب اللي يعجبك وياخد العقل. بادله الابتسام قائلا بلهجة فهم مضمونها خبرة بقى. إكثار الحديث بهذه الطريقة أمامها قد يجعلها ترتاب وتتخذ حذرهما من كليهما لذا غير مهاب من مجرى الحوار وسألها في اهتمام قوليلي أخبار الدراسة إيه ردت بإيجاز ماشية الحمدلله. ان بكتفيه مؤكدا عليها لو محتاجة مساعدة أو توصية فأنا موجود معارفي هنا كتير. علق عليه ممدوح فيما بدا وكأنه حسدا طبعا نفوذ وسلطة وكل حاجة. سأله مستفهما بمزاح دي غيرة ولا حقد لم يخف عليه نواياه عندما أفصح الاتنين. ضحك مهاب عاليا فاندهشت تهاني من ردة فعله توقعت أن يغضب أن يظهر انزعاجه لكنه كان هادئا للغاية سجالهما التنافسي ليس معتادا عليها في هذه الأوساط فتساءلت وعلامات الحيرة تغطي ملامحها هو إنتو على طول كده زي... ترددت أن تختتم جملتها بحرج ناقر ونقير. شرح لها مهاب ببساطة وهو يميل بجسده ناحيتها ما أنا قولتلك احنا عشرة عمر اتربينا وكبرنا سوا. قالت وهي تخفض بصرها متحرجة من اقترابه اللافت ربنا يديم الصداقة دي
متابعة القراءة