لعبه العاشق بقلم يسرا مسعد

موقع أيام نيوز


مراتك مش موظفة عندك ووقت ما اتصل بيك دي ضرورة بالنسبالي 
فقال بعنده الموروث
.. أنا كمان مش بالضرورة أرد عليك كل مرة هتتصلي فيها 
فقالت بلا مبالاة
.. أوكيه براحتك مستنياك تعدي عليا نروح سوا 
فقال بنفي قاطع
.. سكة البيت متوهش يا داليا 
وانقطع الخط وعالمها الوردي يتزلزل من تحت أقدامها فقد ظنت أنها استطاعت سبر أغواره والغوص بأعماقه والتغلغل بكافة إحتياجاته وفرض قوانین عرفية بينهما وتلقينه كيف ينبغي له أن يعاملها واتضح أنها كانت حالمة أكثر مما ينبغي وضعت سماعة الهاتف والحيرة تلتمع بعيناها الفيروزية وشعور بالخواء والضياع يجتاحها وللمرة الأولي بحياتها لاتدري بالفعل الخطوة التالية فالحياة كما علمها والدها دوما رقعة شطرنج والحصان الأسود دوما بيدق رابح ودوما عاشت الملكة  ألقى نظرة غاضبة على ساعته الثمينة وهو يلعن انشغاله بعمله حتى أنه لم يشعر بمرور الوقت وتسابقت خطواته نحو الخارج ليلحظ درية لازالت غارقة بالعمل هي الأخرى فزجرها قائلا قبل أن يختفي من أمامها

.. روحي لولادك يادرية كفياكي شغل 
رفعت هي الأخرى أبصارها نحو الساعة التي كانت لم تتجاوز السادسة بعد متعجبة فمنذ متى يهرول جاسر سليم عائدا لبيته بتلك السرعة في ذلك الوقت المبكر أم إنها ست الحسن والجمال! عقدت حاجبيها غاضبة وهي تلملم أشيائها بصوت متقطع
.. ملكیییش دعوة يتفلق يتحرق يولع . . .
وقاطعها صوته المرتاب
.. ده یارب ما یکون أنا 
فحملقت به پغضب وقالت موبخة كأنما تخاطب صغيرها أيهم
.. يظهر أنك اتعودت تنط كل شوية زي عفريت العلبة 
فقفز قفزة بهلوانية ساخرا فعبست وهي تمنع ضحكة غير ملائمة ثم قالت بعتب
.. أنا اتأخرت ولازم أروح 
قال لها
.. شفت بقا أنا مستحمل كل ده إزاي 
فحملقت به بريبة
.. مستحمل إيه 
رد أسامة وهو يدعوها لداخل المصعد
.. قاعد مخلص شغلي ومستنيكي كل ده أخرتيني أووي على فكرة 
فقالت وهي ترفع رأسها آنفة
.. وأنا مطلبتش منك تستنا 
فقال بنبرة فكاهية عكس العبوس الكاذب الذي تدفع به لملامحها
.. وأنا مش مستني منك تقوليلي استنا 
فابتعدت بأنظارها عن مجال عيناه الذي يطوقها من رأسها لأخمص قدميها لترسم وجها فولاذيا بالمقابل وهي تخرج بخطوات مسرعة من حجرة المصعد الواسعة والتي كان يحتل هو بحضوره أكثر من نصفها فسار إلى جوارها صامتا وفتح لها باب السيارة وعيناه تخبرانها أنه لن يقبل الرفض ردا فقالت بهدوء
.. شکرا یا باشمهندس تعبتك معايا 
أومأ لها برأسه وهو يقول بتقدير بالغ
.. تعبك راحة يادرية  
كان يصارع الطريق وعقله يعمل كآلة حاسبة والناتج كان مابین دقائق وساعات يلزمها ساعة على الأقل لتناول طعام الغداء برفقتهم واستذكار الدروس لا يعلم بالضبط أما اللعب واللهو فحدث ولا حرج فهي تكاد تمضي يومها بالكامل كطفلة بالخامسة من عمرها برفقتهم فابتسم بحنين لتلك اللحظات التي أهدرها هو دون أن يدری قيمتها الفعلية يتمنى لو تقدم تنازلا واحدا فقط لا أكثر وتعود وبعدها يقسم أنه قد يتنازل عن نصف كبريائه وعناده ولطالما كان محظوظا محظوظا جدا في الواقع إذ إستطاع اللحاق بآخر لحظات الوداع بينها وبين أطفالهما والصغيرة تتشبث بأحضان أمها بقوة قائلة
.. طب هتتأخري بكرة
واتاه الرد الذي أخبره أنه لم يعد محظوظ بل هو في الواقع ملعۏن 
.. أول ما أخلص شغل هاجي على طول مش هتأخر أوعدكم 
عقد حاجبيه واسودت ملامحه پغضب ۏحشي حتى أنه لم ينتبه لهمسة سليم القلقة
.. بابا جه ! 
فالتفتت بفزع أثار ضيقها ورفعت قامتها بكبرياء ناشدت به الضلوع لتستقيم أمامه وربتت على كتفي صغارها ليلقوا التحية على والدهم فساروا نحوه فاحتضنهم مرحبا هو الآخر وهو يكاد يتمالك أنفاسه وفي الوقت ذاته يستبق خطواتها ليمنعها من الهرب قبل أن تؤكد له أو كما يتمني تنفي صحة ماسمعه قائلا بتصميم
.. سلیم خد أختك واطلعوا فوق عاوز اتكلم مع ماما شوية 
وقبلتهم مرة أخيرة قبل أن تشير لهم مودعة وهي تراقب صعودهم الدرجات وسارت بخطوات سريعة متجاهلة وجوده حرفيا حتى استوقفها بسؤال قاطع
.. اشتغلت 
عقدت حاجبيها وهمت بإجابة وقحة ولكنها تمالكت أنفاسها فهي أولا وأخيرا ضيفة بمنزله لتجيبه بهدوء بارد
.. أيوه 
اقترب منها وعيناه تلتهم تفاصيل وجهها الذي غاب عنه ليلتان إثنتان لا أكثر قائلا بإتهام وأنفاسه المتسارعة تكاد تمزق صدره
.. بالسرعة دي ولا دي حاجة كانت من ضمن تدبيراتك السرية اللي مكنتش أعرف عنها حاجة 
قالت بضيق وهي ترغب في الأختفاء بعيدا عن أنظاره التي ټحرقها ووجوده الذي يسبب لها الإختناق
.. يهمك في إيه
زم شفتيه وقال
.. أنا كنت كلمت المحامي النهاردة يحطلك بكرة في البنك المؤخر والنفقة يعني أنا شايف مافيش لازمة للشغل وللپهدلة 
ابتسمت له هازئة وقالت بنبرة ساخرة مرة لتذكره بموقعه الفعلي بحياتها
.. والله معدتش من حقك إنك تشوف 
وزار الأسد بأعماقه فاقترب منها على نحو خاطف واحتبس ذراعها بقبضته قائلا بصوت خفيض
.. أنا ممكن
 

تم نسخ الرابط