لعبه العاشق بقلم يسرا مسعد
المحتويات
اللوم عليها بفشل زيجتهما. وتوقفت قداماه عن السير دون هدى عندما تعالی رنين هاتفه ورای اسم أخيه يلمع في الظلام الذي يحيطه رغم سطوع شمس الظهيرة فرد قائلا بصوت متحشرج
.. أيوه خير يا أسامة !
أتاه صوت أخيه قلقا
.. مالك یا زیاد
فرد بصوت تائه
.. مافيش خیر عاوز إيه
عبس أسامة وقال
فهز رأسه شاردا وقال دون جدال
.. حاضر سلام
وضع الهاتف بجيب سترته والټفت حوله يبحث عن سيارته فوجدها على بعد أمتار خلفه فعاد بخطوات حاسمة نحوها ثم انطلق بها حتى عاد مرة أخرى لشقتهما فتلك المواجهة يجب أن تتم
رغم أنه لم يستمع لأي من أغاني المطرب الراحل عبد الحليم حافظ منذ فترة لا بأس بها إلا أن ذاك اللحن الشهير لأغنيته أي دمعة حزن لا يكاد لا يفارق رأسه تأمل كلمات الأغنية الساحرة فسخر من نفس لتعلقه السخيف بأذيال لحنها فهو لم يداويه الزمن بعد وما يشعر به أبعد ما يكون عن معاني الحب السامية هو فقط يستمتع بمشاكسة درية من حين لآخر فكأنما تلقي في حياته الراكدة حجرا صلدا يثير تموجات تشعره أنه لازال على قيد الحياة وعندما يسأم من تلك اللعبة ينتقل للعبة القط والفأر مع الطبيبة الحسناء. ولكن ما يؤرق ضميره شعوره بالنفاق إذ عين نفسه قاضيا وجلادا على أخيه الأكبر ووصيا على حياة الأصغر وهو الذي يخلد لفراشه ليلا بمهدئات تساعده على نيل قسط من النوم والراحة ومع ذلك يتيه بأحلام تجمعه بصغيرته وزوجته الراحلة وأعظم ما يقاسيه خلال تلك الغفوة المتقطعة نظرة اللوم بعيناها فيستيقظ في اليوم التالي عازما على الإستقامة بحياته وفرض تلك الإستقامة على الآخرين حوله ولكنه سرعان ما يشعر بالعجز والوحدة فيعود تائها متخبطا بين تلك اللعبتان وها هي أقدامه تسوقه نحو من تلقي نحوه دوما بالأحجار أنظارها منصرفه عن الحاسوب لشيء ما بالأسفل وعندما اقترب أكثر ارتسمت ابتسامة واسعة على محياه وهو يطالع الصغير المشاكس قائلا
رفعت دریه له رأسها وقالت زاجرة وهي ترفع يدها لتوقف تقدمه
.. أنت جاتلك الحصبة وأنت صغير
عقد حاجبيه ليستدعي تلك الذكري الحمراء البغيضة فقال متعجبا
.. تقریبا آه جت لزياد وعدانا كلنا ليه
ارتسمت ملامح الإطمئنان علي وجهها وعندما اقترب أكثر أزاحت سترة الصغير عن كتفه لتظهر بقعة حمراء مماثلة لما تعرض لها في صغره وقالت بحزن
لاحظ أسامة نظرات الصغير العابسة كأنما توشمه أمه بذنب لا يد له فيه فقال أسامة بنبرة حنونة
.. یعنی هوا كان ذنبه وبعدين عادي كل الأطفال بتجيلهم
ثم وجه حديثه لأيهم الصغير قائلا
.. قوم یالا قاعد كده ليه
وارتسمت ملامح العبث الطفولية والشيطانية في وقت واحد على وجهه فابتسم بسعادة قائلا بفضول
زعقت دريه به
.. مش هتروح في حته هتفضل قاعد هنا جمبي
والتفتت زاجرة لأسامة
.. بدال ما يعدي حد
ارتفع حاجبي أسامة تعجبا وقال بنبرة لا رجعة فيها
.. أنت مالك بتعامليه كأنه وباء دي حصبة هيجي معايا واعتبري ده أمر من عضو مجلس إدارة ولا مش متطمنه عليه معايا
.. لا أبدا بس . .
قاطعها أسامة بإقتراب حميم قائلا بهمس خاڤت
.. مبسش يا درية
لا تعلم لم تواردت كرات الډم الحمراء لوجنتيها كافواج کاسحة ولكنها تعزي ذلك التدافع لنظرة عيناه الجريئة ونبرة صوته العذبة واسمها الذي انساب من شفتيه كلحن راقص فهربت بأنظارها بعيدا نحو الصغير الذي اعتلى ذراعه قائلة بتحذير هادیء
هز الصغير رأسه ولم ينظر مرة أخرى لأمه حتى مودعا وفكره منصب بالكامل على الضخم الذي يحمله بسهولة مطلقة يسأله
.. هنروح فين
واستطاعت سماع ضحكة أسامة وابنها عبر المصعد المغلق خلفهما فشعرت بطمأنينة فعادت لممارسة عملها
في حياته لم يسترق الأنظار لإمرأة قط فهي بعرفه وقاحة بالغة وسوء أدب ولكنه لا يدري ما الذي أصابه مؤخرا فهو ضبط عيناه تسوقه لمحياها مرتان وتلك الثلاثة منذ أن دلف للمركز منذ ساعة ولكنه هز رأسه نافيا تلك الأفكار السخيفة بنظره فهي طبيبة حديثة وعليه مراقبتها لضمان مستوى طبي أفضل لمرضاه ليس أكثر وبعدها أخذ قراره بالاقتراب منها والتمتع بحق المراقبة عن قرب فهي منشغلة بحالة طفلة في السادسة من عمرها تحدثها بلطف أثناء تخديرها والطفلة سعيدة بالحوار للغاية إذ أنها لم تلحظ حتى السن المعدني المدبب الذي انغرس بلحم لثتها دون هوادة فابتسم بعمق وأشار للطفلة بعلامة النصر لدى خروجها من غرفة العيادة الصغيرة ثم قال
.. واضح إنك شاطرة مع الأطفال
فابتسمت سالي مجاملة
.. يعني مش أووي بسترجع لسه معلوماتی
ثم انصرفت لأدواتها لتأمر الممرضة المرافقة لها بتنظيم بعضها فقال
.. یاریت بعد ما تخلصي کشف يا دكتورة تعدي عليا
فالتفتت له سالي قائلة بتوجس
.. خير
متابعة القراءة