لعبه العاشق بقلم يسرا مسعد
المحتويات
حماما ساخنا وعشاءا يروض وحش معدتها الغاضب ولكن ما أن دلفت لشقتها والمفترض أنها مظلمة بذاك التوقيت من الليل حتى أثارتها الأضواء المنبعثة من كل جانب فأخرجت سائل الحماية الذي تحمله دوما من حقيبتها ولكنها سرعان ما لمحت طيفه فتنهدت براحة قائلة
لا زیاد خضيتني أنت بتعمل إيه هنا
كان يجلس على الأريكة وأمامه عبوة فارغة من السچائر أحرقها بأكملها أثناء ساعات النهار الطويلة التي قضاها بالتفكير والإنتظار قام واتجه نحوها بخطوات بطيئة ثم ناولها المظروف الذي بحوزته منذ الصباح وهو يعتصم الصمت وما أن رأت المظروف حتى اتسعت عيناها برهبة ثم قالت
فقال بصوت جاف
.. مش ده السؤال السؤال أنت خبتيه طول السنين اللي فاتت ليه
قاومت العبرات التي تكتنف عيناها ثم اعترفت قائلة
.. مرضيتش أجرحك
فصړخ بها
.. تجرحيني ولا تذليني بعد كده
ارتفع حاجبيها وشهقت بفزع وقالت بدفاع مستميت
.. وليه أذلك یا زیاد أنا بحبك وكان صعبان عليا أن أشوفك مهزوم بحاجة ملكش يد فيها
.. الدكتور قال أني كنت ممكن أتعالج لو كنت صارحتيني بالحقيقة كان ممكن يبقالي أمل
لم تحاول الإبتعاد عنه بل على العكس اقتربت منه أكثر وهي تحدق بعيناه
.. لكن مقلكش إني كنت بديك العلاج على إنه فيتامين فاکر ولا نسيت الصبح بعد الفطار
.. ولما بطلت تاخدها بقيت أدوبهالك في العصير فضلت سنتين أديلك العلاج لحد ما حسيت أن أصلا جوازنا مشروع فاشل مافيش يوم بيعدي إلا لما نتخانق ومافيش يومين بيعدوا إلا لما اكتشف خېانة جديدة
.. وليه لما كنت پصرخ انك حرماني من الأطفال متكلمتيش ليه
لم تستطع حجب دموعها أكثر من ذلك فقالت وهي تبكي
.. مقدرتش مقدرتش رغم إني كنت واثقة أنه لو اتقلبت الأدوار كنت عمرك ما هتعمل كده
.. أنت طالق یا آشري
دقة العصا القوية على الأرض هي كل ما تملك في تلك الحياة لتعلن أنها لازالت تمتلك الأنفاس الكافية لجذب انتباه الجميع الټفت أسامة فورا لأمه التي كانت تقترب منهم وصعد بضعة درجات ليساعدها على النزول ولكنها دفعت يده بعيدا بقوة قائلة
ضحك أسامة ونظر لوجه أمه الذي كان مشرقا على غير العادة وتأمل هیئتها الاستقراطية الراقية برداء أزرق اللون يناسب شحوب بشرتها وخصلات شعرها القليلة التي أفلتتها من أسفل وشاحها الفضي المعقود بهيئة تظهر رقبتها المزينة بعقد ماسي عريض توجها كلاهما للطاولة العريضة بغرفة الطعام وكان بإنتظارهما جاسر الذي ما أن رأته وحده حتى عبست وقالت
.. أومال فین زیاد
رد أسامة قائلا
.. كلمته الصبح وأكدت عليه
قال أنه جاي فقالت بإصرار
.. کلمه تاني
عندها تولی جاسر مهمة الرد فقال
.. قافل موبايله
أخذت سوسن نفسا عميقا ثم قالت
.. طب يالا نتعشا الأكل هيبرد
كانت نعمات قد انتهت من رص الأطباق ووزع متعهد الطعام الذي إستأجرته سوسن خصيصا لتلك الليلة من وضع الطعام وجلسوا ثلاثتهم والټفت سوسن لنعمات قائلة
.. عشيتي الولاد یا نعمات
هزت نعمات رأسها قائلة
.. أيوه يا هانم وغسلوا اسنانهم وناموا
قال جاسر موجها حديثه لنعمات
.. بكرة الصبح یا نعمات هتيجى مربية للولاد هتعرفيها نظامهم
كادت نعمات أن تعترض فالأطفال لا يسببون لها مشكلة ولا هم حتى يحمل فهي من ربته أولا وأخيرا ولكم يسعدها تربية النسخ الصغيرة منه كما أن أمهم تزورهم يوميا فلا حاجة لمربية غريبة قد لا تتآلف طباعها معهم والأهم معها لمحت سوسن الرفض في خلجات نعمات ومشاعرها البينة المرسومة على وجهها فقالت سوسن
.. هتدربيها أنت الأول ولو معجبتكيش تمشي ونجيب غيرها
شكرتها نعمات بهزة رأس قوية فهي أعادت لها مكانتها وهيبتها في مقابل تلك الحديثة الغائبة أمام مخدومها قائلة
.. تحت أمرك يا سوسن هانم عن إذنكم
تراجعت نعمات للخلف بضعة خطوات حتى كادت أن ترتطم بالضيفة التي لم تدعوها سوسن لحضور مأدبتها والتي كانت مصرة بفرض وجودها حتى لو لم تتلقى دعوة فهي زوجة ابنها الأكبر أولا وأخيرا ولابد أن تحفظ مكانتها فارتدت زيا مكونا من قطعتين سروال مخملي واسع يعلوه بلوزة حريرية بيضاء ورفعت خصلات شعرها بعقدة كلاسيكية وكانت أكثر من أنيقة وجميلة لتستحق مكانتها على تلك الطاولة بجدارة أجفلت
متابعة القراءة