قصه كنت معاها بقلم الكاتبة شهد محمد جادالله

موقع أيام نيوز


اهدرتها بتمردها عليه فحق كانت غبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى فكيف كانت غافلة عن ذلك الشعور الرائع وعن تلك السعادة الغامرة التي تنعم بها الآن. 
وبعد جلد ذاتها لعدة ثوان همست وهي تكوب وجنته بنبرة نادمة
هتغير يا يامن وأوعدك هنعوض كل اللي ضاع مننا بس أنت ساعدني واوعدني أنك مش هتسبني مهماحصل 
نفى برأسه وكأن ما قالته هو المستحيل بعينه وقال بكل إصرار دون لحظة تردد واحدة 
اسيبك...ده أنت روحي يا نادين حد يسيب روحه
نمت بسمة هادئة وعقبت بنعومة
ربنا يديمك ليا يا حبيبي
تحمح هو يجلي صوته وكرر مشاكسا

حبيبي تاني ... لأ كده كتير عليا وأنا بصراحة مش ضامن نفسي
لأ كفاية فضايح النهاردة ويلا ندخل البيت قبل ما حد من الجيران يشوفنا 
توقف عن عبثه بمضض شديد فمازال لم يرتوي ويقسم أنه لو استمر لأخر العمر لن يكتفي منها بينما هي أبتسمت تلك البسمة الآسرة التي تأسر قلبه وتدلت من السيارة فما كان منه غير أن يتبعها غافلين عن تلك العيون القاتمة التي كانت تتربص بهم من بادئة وصولهم وظل صاحبها يتوعد لهم بأشد الوعيد.
صباح يوم جديد يحمل بين طياته الكثير لذلك العقلاني الذي لم تغفل عينه لدقيقة واحدة منذ ما حدث فقلبه يأن بين أضلعه ولم ينفك عن التفكير بها منذ الأمس وكم ناجى الله كي يرأف بها وبقلبه الذي ينتمي لها رغم قناعاته.
فكان بمزاج عكر للغاية حين حاولت شقيقته تقنعه بأن يعمل على أحد سيارات الأجرة التي يملكها جارهم بشكل مؤقت إلى أن يجد عمل بأجر أفضل فما كان منه غير الموافقة وبالفعل اليوم هو أول يوم له وقبل أن يخرج بالسيارة من منطقهم وجدها تقف أمامه وتلوح بيدها كي يتوقف تجمدت نظراته لوهلة لايستوعب كونها تغاضت عن حديثه الرادع لها بلأمس وظهرت أمامه من جديد ورغم أن قلبه ارتعش أحفالا لرؤيتها إلا أن ملامحه ظلت صامدة حين توقف وصعدت هي بجانبه قائلة باقتضاب دون أن تنظر له
عايزة اروح عين شمس لو سمحت
استغرق الأمر منه بضع ثوان كي يستوعب ما تحاول أن تفعله ولكنه فشل في فهمها لذلك هدر متسائلا 
بتعملي ايه هنا يا ميرال مش اتكلمنا امبارح
تنهدت بعمق واجابته بكل إصرار وبنبرة مقتضبة
مقتنعتش... واتفضل وصلني علشان متأخرة وعندي محاضرات
ضړب كف على آخر
وقال بسخرية مريرة
أنت مچنونة رسمي 
رفعت منكبيها وردت دون لحظة تردد واحدة 
قول اللي أنت عايزه قول إني معنديش كرامة وقول كمان إني فرضت نفسي عليك وعلى بيتك وعلى حياتك بس انا مصدقت لقيتك وعمري ما هفرط فيك...وبعدين أنت قولت أن دي مشكلتي لوحدي بس الحقيقة أن دي مشكلتك أنت لأنك قولتلي قبل كده إني اتحب وإن كل اللي معرفوش يحبوني العيب فيهم مش فيا وانا اتعودت أصدقك
نعم قال ذلك مسبقا وهو لا يحيد عن رأيه فياليتها تعلم أنها أصبحت تسري بدمائه سريان الډماء ولكن ماذا عن قلة حيلته ولذلك عليه أن يثبت ويدعي
عدم الفهم كي لا يفتضح أمره
يعني إيه مش فاهم
يعني تسوق وتوصلني من سكات و اعمل حسابك انك هتلاقيني مستنياك هنا كل يوم 
ومتقلقش شغل العداد بتاعك وهحاسبك زي الزباين العادية 
مرر يده على وجهه وقال بكل عقلانية
اللي بيحصل ده غلط وأنت مش مدركة الوضع كويس
أجابته هي بثقة استمدتها منه مسبقا وبنبرة تقطر بالإصرار
لأ مدركة وعارفة الوضع اللي أنت تقصده كويس يا محمد ومش فارق معايا حاجة وعندي استعداد أقف قدام الدنيا كلها علشان تفضل جنبي
حديثها لم يبدو منطقي له ولم يستوعبه عقله لذلك قال بنبرة صدرت منه حادة بعض الشيء
أفضل جنبك بصفتي أيه 
كانت تشعر بمعاناته وتشعر بتلك الحړب الضارية التي تقوم داخله وكونها تعلم أنه مازال متمسك بمنطقه وقناعاته الراسخة إلا أنها حاولت أن تؤثر عليه قائلة
مش لازم نحط مسمى ...خليه اللي بينا مش مشروط وأنا عمري ما هتحامل عليك ولا هفرض عليك حاجة...وعلشان خاطري أدي فرصة لقلبك يقرر بالنيابة عنك...
نظر لها نظرة عميقة مطولة ورغم ذلك التشتت التي رأته في عينه إلا أنها كانت تشعر أن خلف ذلك التردد شيء يعنيها ويكنه لها فما كان منها غير أن ترسل له بفيروز عيناها نظرات مطمئنة مفعمة بالإصرار جعلته يهمس بتنهيده مثقلة وهو ينظر لأعلى يناجي ربه كي يلهمه الصواب
حرام عليك يا ميرال أنت بتصعبيها عليا
جاوبته وهي بحركة عفوية لم تتعمدها ورغم ذلك زلزلت دواخله وجعلت عينه ټغرق ببحر عيناها
صدقني أنت اللي بتصعبها على نفسك وعليا انا مش فارق معايا حاجة غيرك...
إصرارها به جعل بصيص من الأمل يتسربل لتلك القناعات ويزعزع ثباتها وعندها تذكر حديث شقيقته بشأن السعي من أجلها و أدرك أنلذلك الحد سيدعمه ويجعله يفعل المستحيل كي يكون جدير بها
لذلك قرر أن لا ينهك نفسه بالتفكير أكثر فهو يعلم ما عليه فعله
أنت مچنونة وجنانك ده معرفش هيودينا على فين 
أبتسمت وعيناها تهيم به ثم قالت بإصرار عظيم نابع من تلك المشاعر
 

تم نسخ الرابط