مع وقف التنفيذ بقلم دعاء عبد الرحمن
المحتويات
يطرق باب شقته وأنما صعد درجات عدة أخرى ووقف أمام بابها لا يعرف ماذا يفعل ..
افتقدها بشدة يريد ان يملىء عينيه بوجهها البرىء ولو لمرة واحدة فقط وقف مترددا تدور الافكار برأسه تعذبه وتقتله ..
وأخيرا وضع رايته مستسلما وهبط درجات السلم مرة اخرى متوجها إلى شقته ..
وضعت والدته طعام العشاء امامه على المائدة وهو شاردا فى وجوم وكأنه فى عالم آخر عاقدا ذراعيه امام صدره وقد تقابلا حاجبيه بشدة ..
مش هتاكل يا فارس
أوما برأسه وأمسك ملعقته وظل يعبث فى طبقه الذى امامه وهو مطرق الرأس وقد عاد إلى وجومه الدائم فقالت
يابنى مش كده ده انت مكلتش من امبارح ولا بتدوق طعم النوم حتى
تنهد بقوة وقال بأسى
مش عارف اعمل ايه يا ماما ياريتنى ما كنت كتبت الكتاب كنا عملنا الفرح على طول
ماما أنتى مبتشوفيهاش خالص
شدت على يده وهى تقول بسعادة مصطنعة
شوفتها النهارده وهى نازله مع مرات ابوها وكان شكلها باين عليه أنها كويسه
نظر إليها بلهفة وقال على الفور
كلمتيها
ابتسمت وقالت
كلمتها وهى مرات ابوها هتمنعنى أكلمها كمان.. وبتسلم عليك وبتقولك متقلقش عليا
بجد يا ماما بجد كويسه
ابتسمت والدته وهى تؤكد له ما قالته ثم عادت لتكمل طعامها فى صمت بعد ان رأته قد بدأ فى تناول طعامه ..
نظرت إليه نظرة خفية بأسى وهى تهتف داخلها .. اقولك ايه بس يابنى اقولك الورده دبلت فى يوم وليلة من كتر الهم والبكى ..
وقفت مهرة فى الليل فى نافذتها ترجو ان تراه ولو لمرة واحدة تطل برأسها للأسفل بشدة لعلها تلمح ظله فتفاجأت بصوت زوجة ابيها تقول ساخرة
ألتفتت إليها مهرة وعادت إلى الوراء وأغلقت النافذة بهدوء فهى لا تريد أن تدخل فى مجادلة كلاميه مع هذه المرأة على الاطلاق .. جلست على الفراش بعد أن اغلقت النافذة وتناولت احد الكتب بجوارها وشرعت فى قراءتها فنظرت إليها زوجة ابيها نظرات ساخرة وعادت ادراجها من حيث أتت .. بعد قليل دخل يحيى بعد طرق الباب عليها وأطل بوجهه فتبسمت له وقد لمعت الدموع فى عينيها وجلس بجوارها وامسك يدها وهو يقول بإشفاق
انسابت العبرات على وجنتيها وهى تقول متسائلة
ماما عامله ايه
أومأ براسه وهو يقول
ما انتى عارفه انها قاعده عند خالتك وبتسلم عليكى وبتقولك متزعليش منها هى مشيت وسابتك فى ساعة ڠضب ومعرفتش ترجع تانى لما ابوكى جاب مراته هنا
أطرقت براسها وقالت له متسائلة
قال مبتسما
عند واحد صاحبى هو مش من هنا اصلا من الارياف .. ومأجر أوضه هنا علشان الدراسه وانا قاعد معاه ومرتاح متقلقيش عليا
أطرقت برأسها ثانية وهى تقول باسى
يارب دايما تبقى مرتاح يا يحيى
نظر إليها بشفقة ورفع وجهها إليه بيده وقال مبتسما
هخاليكى تشوفيه متزعليش
أمسكت ذراعيه بلهفة وهى تهتف به
بجد يا يحيى
أشار لها أن تخفض صوتها ثم قال بخفوت
اه والله صدقينى بس أدينى يومين كده .. ماشى ..
أومأت برأسها فرحا وهى تمسح دموعها براحتيها وهى تقول ممتنة
متشكرة اوى يا يحيى ربنا يخاليك .. بس يومين كتير اوى مينفعش قبل كده
كتم ضحكته وهو يقول بمرح
طب اعملى مكسوفة طيب .. طب استنى
نهض واتجه إلى الباب ليطمئن أن زوجة ابيه لا تتجسس عليهما وبعد ان اطمئن تماما أخرج هاتفه وهو يقول لها بخفوت
تعرفى توطى صوتك على الاخر وأنتى بتتكلمى فى التليفون
قفزت من فراشها فرحا كالفراشة وقال بخفوت مماثل
ربنا ميحرمنيش منك يا يحيى
أشار لها أن تفتح النافذة وتطل منها وهى تتحدث حتى لا يظهر صوتها خارج الغرفة بينما وقف يحيى مراقبا من طرف خفى حتى لا يحدث اى هجوم مباغت من زوجة ابيه عليهما وهى تتحدث فى الهاتف .. انتفض فارس وهو مستلقى فى فراشة سابحا فى شروده وذكرياته على صوت رنين الهاتف .. نظر إليه فوجد رقما غريبا غير مسجل لديه فزفر بضيق ..تركه وعاد إلى استرخاءه من جديد وهو لايعلم أن نصفه الاخر الذى اشتاق إليه هو من يهاتفه الان ...
جذب يحيى الهاتف من مهرة ووضعه فى جيبه فى اللحظه التى دخلت فيها زوجة أبيه واضعة يدها فى خصرها قائلة
أنت هتبات هنا ولا ايه يا يحيى
تنحنح بحرج وهو يقول
لا انا ماشى دلوقتى
قالت بابتسامة صفراء
براحتك يعنى انا مش قصدى أمشيك ولا حاجه
ربت يحيى على كتف مهرة وهو يقول بنظرة تفهمها
هجيلك بكره ماشى
أومأت له مهرة برأسها وهى تمسك بيده التى على كتفها
خرج يحيى من غرفتها واتجه إلى باب الشقة مباشرة حتى لا يحدث احتكاك بينه وبين زوجة ابيه فينتج عنه مشكله اخرى مع أبيه ..
خرج وأغلق الباب خلفه بينما جلست مهرة على فراشها قدمها كما تفعل دائما وتنظر لارضية الغرفة وكأنها تناديه وتحاول ان تخترقها لتراه ..
خرج فارس يقف فى نافذة غرفته يستنشق هواء الفجر العليل
ويملىء به رأتيه بقوة ويزفر بهدوء وهو يسبح ويستغفر كما تعلم من بلال ..
نظر للأعلى مرات عديدة يتلمس ظلها أو ضوء غرفتها سمع صوت هاتفه فهرول إليه ونظر فيه
فظفر بضيق عندما وجد اسم عمرو هو المتصل .. كان يعتقد انها هى ولكن انقطع الامل ..
عاد مرة اخرى إلى النافذة وهو يجيب عمرو بحنق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ايه اللى مصحيك لحد دلوقتى يابنى انت
قال عمرو مشاكسا
انا كنت قلقان شويه وقفت فى الشباك لقيت العاشق الولهان واقف هو كمان عمال يبص لفوق يمكن يعرف يشوف الست جوليت ولا حاجه
نظر فارس إلى البناية التى تقبع عن يمين بنايته قليلا فوجد عمر يقف فى الشرفة ويشير إليه بيده واضعا الهاتف على اذنه
وقال
معلش بقى شوفتنى انا طبعا عارف انك كان نفسك تشوف
حد تانى النهارده
تنهد فارس بعمق وهو يقول بشوق
وحشتنى أوى يا عمرو
قال عمرو مبتسما
معلش يا روميو اصبر بكره تبقى فى بيتك
هتف فارس پغضب وهو يضرب سور الشرفة بيده
امتى بس يا عمرو وازاى بعد اللى حصل ده
انتفض جسدها وهى تجلس على فراشها ضامة لركبتيها بعد أن سمعت صوته ياتى إليها ويتسلل إلى مسامعها فى سكون الليل وقد نامت العيون وخلا الاحبة بعضهم إلى بعض ..
خرجت سريعا من غرفتها لتتأكد من أن الجميع نيام ثم عادت إلى غرفتها ووضعت حجابها على شعرها وفتحت النافذة وأطلت منها بنصف جسدها تقريبا فرأته وهو يتحدث فى الهاتف پغضب ابتسمت وهى تنظر إليه كم افتقدته كم اشتاقت إليه وإلى نظرة عينيه العاشقة ...
تفاجأ فارس بعمرو وهو يقول له بمرح
قول لجوليت تدخل جوه شويه لحسن هتقع كده
استدار فارس كلية بجسده وهو ينظر للاعلى فرآها لم يستطع أن يتبين ملامحها جيدا وعينيها بسبب الظلام ولكن رآها ورأته ابتسم عمرو وعاد أدراجه إلى الداخل وأغلق الشرفه ليتركهما وحدهما يخطفا من الوقت لحظات كفيله بأن تعيد إليهما الحياة من جديد..
. لمحت والدها آتى من بعيد فاشارت إليه وعادت للداخل سريعا ...... ...
عاد فارس للداخل وحاله كحال الظمآن الذى بلل شفتيه بلسانه ........
ها يا حضرة الظابط ايه الاخبار .. قالها فارس وهو يجلس فى المقعد المقابل للضابط الذى قال بثقة
كل حاجه ماشيه زى ما أحنا متفقين بالظبط .. باسم ونادر هيتسجلهم ويتقبض عليهم متلبسين بالرشوة
ابتسم فارس بسعادة وهو يقول بأمتنان
الحقيقة يا فندم مش عارف اشكر حضرتك أزاى ..
ثم تنحنح فى حرج وهو يقول بحيرة
هو ليه حضرتك عرضت عليا المساعده فى الموضوع ده رغم أن القضية مكانتش معاك من الاول وكانت مع ظابط تانى
ابتسم الضابط وقال
فاكر قضية القټل اللى طليقتك كانت ماسكاها أهو انا كنت الظابط اللى عرضوا عليه رشوة علشان يغير اقواله فيها من يومها وانا متابع القضية دى وعرفت اللى حصل معاك واستجدعتك اوى ده غير انى كنت متأكد إن فى حد تانى بيساعد وائل وبيخططله من بعيد من غير ما يورط نفسه فى الحكايه ...
ثم استند بظهره الى المقعد وهو يقول بتصميم
ولما عرفت موضوعك أنت وعمرو بالصدفه حبيت اساعدك وواحده واحده اتأكدت أن باسم ليه علاقة بالموضوع ده كمان واللى زى باسم ده عاوزله تخطيط جامد اوى وأدلة قوية علشان نقدر نقضى على فساده ولازم نحط ايدنا فى ايد بعض علشان نعرف نحوط عليه كويس أوى وميعرفش يطلع من ثغرات القانون اللى هو حافظه كويس ..
استدرك فارس قائلا
يعنى خلاص مش فاضل غير التسجيل وبعدين نطلع امر بالقبض عليهم
أومأ الضابط براسه وقال مؤكدا
التسجيل هيتم بكره زى ما اتفقنا مع خبير الاثار فى نفس اليوم بالليل هنقبض عليهم إن شاء الله
نظر إليه فارس بإعجاب وهو يقول
نفسى اسألك سؤال بيلح عليا دايما
أومأ الضابط برأسسه فقال قال فارس
أنت ليه مخفتش لما وائل هددك
ضحك الضابط وقال
وائل ده كان شكله يضحك اصلا وبعدين بيعرض الرشوة بسذاجه غريبة كده
علشان كده كنت متأكد ان فى حد وراه عاوز يوديه فى داهيه ..
ثم ضحك بشده وهو يتذكر جلسته مع وائل
وقال
تصدق يا دكتور فارس أنى لما قلتله حرام وهنروح من ربنا قالى هو أنت مش مربى دقنك ليه
ضحك فارس وهو يقول
هو يعنى محدش بيرفض الرشوة غير اللى ملتحين بس اما حاجه عجيبه اوى
تنهد الضابط وقال بشرود
اعذره يا دكتور الناس واخده فكره عن الظباط ان كلهم زى بعض ..
ثم استند بيديه على مكتبه وهو يقول بأسى
احنا فينا محترمين ومتدينين واصحابى وأعرفهم شخصيا بس مع الأسف بالنسبه للفاسدين نكاد نكون مش باينين اصلا
شعر فارس بالأسى الذى يكسو نبرة صوته فاراد ان يغير مجرى الحديث بمداعبة وقال
بس أنت غيظته وقلتله أنك هتربي دقنك بس مش دلوقتى
ضحك الضابط ضحكات رنانه وهو يقول
تصدق والله مكنش قصدى اغيظه انا قلتله اللى في قلبى
قال فارس باهتمام
وهو شغلكوا يسمح بكده
زفر الضابط بقوة وهو يردف
وايه اللى يمنع اذا كان فى ضباط مسلمين فى دول أوروبا ملتحين ومحدش بيقولهم حاجه وشايفين شغلهم تمام وهما فى دول نصارى اصلا ودين الدوله الاول النصرانيه حتى الدول اللى فيها بوذيين عندهم ظباط مسلمين ملتحين ومحدش بيتكلم معاهم ..
ثم لمعت عيناه وهو يقول بتحدى
بس عندى أمل فى بلدنا انها هتتغير فى يوم من الايام ان شاء الله
أهلا أهلا أتفضلوا .. أتفضل يا بشمهندس نادر أتفضل يا استاذ باسم ...
أبتسم باسم وهو يجلس وينظر إلى مفتش الاثار بثقة
افهم من المقابلة الحلوه دى أن التقرير خلاص اتكتب زى ما اتفقنا
هتف نادر
طبعا هى دى عايزة سؤال
فرك الرجل يديه بشغف وهو يقول
ولو انها مسؤلية كبيرة بس انا مقدرش حد يقصدنى ف حاجه وارجعه أيديه فاضيه
أستند باسم على مكتبه وهو يقول
واحنا كمان مش هنرجعلك ايديك فاضيه
قال نادر بلا مبالاة
مسؤلية ايه بس ياراجل اللى بتتكلم عنها أنت كتبت تقرير زى اللى اتكتب قبل كده من واحد تانى خالص
يبقى انت معملتش حاجه جديده يعنى بالعكس ده أنت اكدت على كلام زميلك
أومأ باسم برأسه وهو يقول مؤكدا
بالظبط كده ومتخافش مش هيقدروا يشككوا فى ده كمان
قال الرجل بلامبالاة وكأن الامر لا يعنيه
لمؤاخذه يعنى فى السؤال هو انتوا ليد بتدفعوا الفلوس دى كلها علشان القضيه تلبسوا انتوا بتكرهوا اوى كده
قال له باسم بحدة
الموضوع ده ميخصكش أنت ليك تاخد فلوسك وخلاص
حرك الرجل رأسه وقال مؤكدا
معاك حق وانا مالى خلاص اتفقنا تجولى هنا بكره الصبح ومعاكوا الفلوس وهوريكوا نسخه من التقرير اللى اتكتب
نهض باسم ونادر وهما ينظران إلى بعضهما البعض بأنتصار وقالا بثقة
تمام أوى كده
كان نادر بصحبة باسم فى شقته الخاصة ليلا بينما سمع باسم صوت رنين هاتف المنزل فقال نادر بقلق
أيه ده مين بيكلمك دلوقتى
نهض باسم متوجها إلى الهاتف وهو يترنح ثملا وضع سماعة الهاتف على اذنه وقبل أن يجيب سمع صوت أنثوى يصيح به
أنتوا ايه اللى أنتوا عملتوه ده يا أغبيا
نظر باسم لسماعة الهاتف وهو يعقد جبينه بدهشة ثم اعادها على أذنه مرة أخرى وهو يقول بتشتت
أنتى مين يا ست أنتى
صاحت پغضب
أنت غبى أنت واللى معاك وهتدفعوا تمن غبائكو ده غالى أوى
ضحك باسم وهو يقول بترنح
اهدى بس يا حلوة
صړخت فيه بشدة
بقى علشان أنت پتكره واحد والغبى اللى معاك بيكره التانى تقوموا تلفتوا النظر لينا ولشغلنا والعين تبقى علينا .. اللى عملتوا ده مش هيعدى بالساهل
ابدا ... وأنهت المكالمة پعنف .. نظر باسم إلى سماعة الهاتف بأستنكار وهو يهوى الى المقعد بجوار الهاتف ويهتف
طب متعرفناش طيب
نهض نادر قائلا
فى ايه يا باسم من دى
ناوله باسم الكأس فى يده وهو يقول مترنحا
اشرب ياعم أنت خالينا نفرفش شويه أنت مالك رخم كده ليه النهارده
جلست عزة بجوار عبير فى بيت والدتهما وهى تقول بأستنكار
يعنى ايه يا عبير يعنى الراجل المتدين بس هو اللى مش پيتخانق مع مراته
قالت عبير بثقة
لاء مش قصدى أنا قصدى اقولك أن الراجل الملتزم هو اللى ليه حدود حتى فى مشاكله يعنى بمجرد ما تقوليله اتقى الله يبتدى يراجع نفسه ويقول اللهم اجعلنى من المتقين ..لكن الراجل التانى لو قلتيله اتقى الله هيصرخ فيكى ويقولك طب ما تتقيه انتى ياختى ولا ممكن يقولك قصدك ايه يعني ... قصدك انى كافر ..
قصدى ان الملتزم ليه سقف معين بيقف عنده مهما عمل بېخاف من ربنا فى الاخر وېخاف لو ظلمك ربنا يقتص منه فى الدنيا والاخرة
مطت عزة شفتيها وقالت باستسلام
فى دى معاكى حق عمرو ساعات لما بقوله اتقى الله يقولى لما تتقيه انتى الاول ..
بس بصراحه ده كان قبل ما يدخل المعټقل مع فارس وبلال لكن من بعدها بقى أحسن كتير فى معاملاته كلها ..
ثم قالت بمرح
يعنى لو كنت اعرف كده كنت لما جه يتقدملى كنت قلتله لاء اقعد شويه مع فارس وبلال وبعدين و ابقى تعالى اتقدم
حركت عبير رأسها وهى تقول
اه اه صح علشان كان قطع رقبتك ساعتها ولا انتى ناسيه انه كان حساس قد ايه من اى كلام منك على فارس فاكرة لما زعل منك
زفرت عزة وهى تقول بحنق
متفكرنيش بالايام دى .. الحمد لله أنها عدت من غير ما حد ياخد باله
متابعة القراءة