قصة أصحاب الكهف
كم لبثنا! فأجاب بعضهم لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم. فأخرجوا النقود التي كانت معهم ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة وأن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد. فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم. قد يخيرونهم بين العودة للشرك أو الرجم حتى المۏت. خرج الرجل المؤمن متوجها للقرية إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه. تغيرت البضائع والنقود. استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة. وبالطبع لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. ولم يكن صبعا عليهم معرفة أنه غريب من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها. لقد آمن المدينة التي خرج منها الفتية وهلك الملك الظالم وجاء مكانه رجل صالح. لقد فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. لقد هاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم. وها هم قد عادوا. فمن حق أهل القرية الفرح. وذهبوا لرؤيتهم. وبعد أن ثبتت المعجزة معجزة إحياء الأموات. وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث من ېموت برؤية مثال واقي ملموس أمامهم. أخذ الله أرواح الفتية. فلكل نفس أجل ولا بد لها أن ټموت. فاختلف أهل القرية. فمن من دعى لإقامة بنيان على كهفهم ومنهم من طالب ببناء مسجد وغلبت الفئة الثانية. لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى عليه السلام أم كانوا بعده. هل آمنوا بربهم من من تلقاء نفسهم أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان. هل كانوا في بلدة من بلاد الروم أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم أم خمسة سادسهم كلبهم أم سبعة وثامنهم كلبهم. كل هذه أمور مجهولة. إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله. فالعبرة ليست في العدد وإنما فيما آل إليه الأمر. فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية إنما المهم أن الله أقامهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة على بعث من في القپور ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل.